فهذه العلماء الثقات: الدارقطني وابن سعد والخطيب والذهبي وابن حجر والولي العراقي والسيوطي وعلي القاري وأكرم السندي وأبو معشر وحمزة السهمي واليافعي والجزري والتوربشتي وابن الجوزي والسراج صاحب ((كشف الكشاف)) قد نصوا على كون الإمام أبي حنيفة تابعيا، وإنما أنكر من أنكر منهم روايته عن الصحابة، وقد صرح به جمع آخرون من المحدثين والمؤرخين المعتبرين أيضا تركت عباراتهم خوفا من الإطالة الموجبة للملالة، وما نقلته إنما نقلته بعد مطالعة الكتب المذكورة لا بمجرد اعتماد نقل غيري، ومن راجع الكتب المذكورة يجد صدق نقلي. وأما كلمات فقهائنا في هذا الباب فأكثر من أن تحصى.
ومن أنكر كونه تابعيا من المؤرخين لا يصل في الاعتماد وقوة الحفظ وسعة النظر إلى مرتبة هؤلاء المثبتين فلا عبرة بقوله معارضا لقولهم، وهذا الذهبي شيخ الإسلام المعتمد في نقله عند الأنام لو صرح وحده بكونه تابعيا لكفى قوله رادا لقول النافين.
فكيف وقد وافقه إمام الحفاظ ابن حجر، ورأس الثقات الولي العراقي، وخاتمة الحفاظ السيوطي، وعمود المؤرخين اليافعي، وغيرهم، وسبقه إلى ذلك الخطيب وما أدراك ما الخطيب والدارقطني وما أدراك ما الدارقطني إمامان جليلان مستندان معتمدان وغيرهما.
فإذن لم يبق للمنكر إلا أن يكذب هؤلاء الثقات، فإن وقع منه ذلك فلا كلام معه، أو يقدم أقوال من دونهم على أقوالهم، فإن فعل ذلك لزم ترجيح المرجوح، والمرجو من العلماء المنصفين بعد مطالعة هذه النصوص أن لا يبقى لهم إنكار))(1).
صفحہ 44