لم تتبين درجات تحريمها، ككونها محرمة على سبيل القطع أو على سبيل الظن، أو كونها محرمة لذاتها أو لغيرها، وكأن يشك في حق غيره، هل أعاده إليه أو لم يعده؟ وإذا أعاده إليه، فهل أعاده كله أو بعضه؟ فإذا اعترضت المسلم هذه الأمور غير الواضحة، فإنه يلزمه فعل الأسلم والأفضل، لتخليص ذمته وتبرئة نفسه من كل حق للغير، كليا أو جزئيا، سواء أكان هذا الحق حقا لله تعالى، أم حقا لعباده وخلقه.

وهذا هو معنى القاعدة أو المبدأ: (الدين يحتاط له). وفي فقهنا الإسلامي الغالي فروع كثيرة تعود كلها إلى هذا المبدأ أو القاعدة. ويمكن أن نورد بعض هذه الفروع فيما يلي:

- الفرع ١: يكفن الميت بثلاثة أثواب، وما زاد على ذلك فهو للاحتياط والمبالغة^(١).

- الفرع ٢: إذا رئي الهلال قبل الزوال، ففيه قولان: قيل للماضية، وقيل المقبلة. وقال بعض أصحاب الظاهر: أما في الصوم فيجعل للماضية، وأما في الفطر فيجعل للمستقبلة، وهذا بناء منهم على الأخذ بالاحتياط^(٢).

- الفرع ٣: تُكره الحجامة للصائم للاحتياط للعبادة، ولكي لا يفطر الصائم بسبب ضعف النفس^(٣).

ولو تَتَبَّعت أخي المتفقه أبواب الفقه ومسائله لأمكنك تجميع المئين أو الألوف من فروع هذه القاعدة وجزئيات هذا المبدأ. والله المستعان وعليه التكلان.

المراد بعلم القواعد الفقهية

يُراد بعلم القواعد الفقهية دراسة هذه القواعد من حيث حقيقتها وأمثلتها وفوائدها وأنواعها وحجيتها ومصادرها وطرق إثباتها ونشأتها وحركة التأليف فيها وتطورها وصلتها بعلوم الشرع ومصطلحاته وتطبيقاتها ووضعها في العصر الحالي،