ذلك أن أبطال الإلياذة خليط من البشر والآلهة، فمن أبطالها البشريين: باريس وهكتور، ابنا ملك طروادة، وعدوهما مينيلاوس ملك أسبرطة، وشقيقه أجاممنون قائد جيشه، أما أبطال الملحمة من الآلهة فمنهم: «زوس» كبير الآلهة، ويطلق عليه الرومان جوبيتر؛ وابنته «أثينا» إلهة الفكر، ويطلق عليها الرومان «منيرفا»؛ ثم أخيل - أو «أشيل» - أبرز أبطال جيش أجاممنون؛ وهيلينا، زوجة ملك أسبرطة الفاتنة، التي نشبت بسببها الحرب مع طروادة ... إلخ.
فدعني أقص عليك طرفا من أساطير هؤلاء الأبطال، ومغامراتهم الشائقة في الحب والحرب، قبل أن أقدمهم إليك في قصتهم الكبرى «الإلياذة»، كي يتهيأ لك الجو المناسب لفهم هذه الملحمة على أكمل وجه.
يغار من ابنه!
كانت لإله البحر «بوسايدون» حورية تدعى «ثيتيس»، وقعت عليها عين «زوس» كبير الآلهة، فأحبته، لكنه علم من «الأقدار» أن الحورية سوف تلد ابنا يصير أعظم من أبيه، فأبى أن يكون هو ذلك الأب! ومن ثم قرر ألا يضيفها إلى قائمة عشيقاته العديدات، بل يزوجها إلى ملك بلد مجاور، ولكي يضفي على الزواج رونقا وبهاء، رأى أن يحضر بنفسه حفلة العرس، مصحوبا بزوجته «هيرا» إلهة الزواج، وغيرهما من آلهة جبل الأوليمب.
التفاحة دائما!
غضب الإله «أبولو» على الإغريق بسبب أسر قائدهم «أجاممنون» للحسناء «كرايسيس»، وهذه لوحة للفنانة «هنرييتا راي» تمثل أبولو يستعطف محبوبته «دافني»!
وكان إله البحر - والد العروس - قد تعمد أن يغفل دعوة إلهة «الشقاق» الكريهة إلى عرس ابنته، لكن اللعينة ذهبت إلى ذلك الحفل متطفلة، وهناك ألقت وسط المدعوين الصاخبين «تفاحة» كتبت عليها هذا الإهداء الماكر: إلى «أجمل الحاضرات»! فتنازعت عليها ثلاث منهن: «هيرا» إلهة الزواج، وابنتها «أثينا» إلهة الفكر، ثم «أفروديت» إلهة الحب، كل تزعم أنها أحق بها من سواها! وتشيع لكل ربة من الثلاث فريق من أنصارها والمعجبين بها، حتى كاد العرس يتحول إلى ميدان قتال! لولا أن استقر رأي الحاضرين على أن يحتكموا في النزاع إلى راع وسيم الطلعة يدعى «باريس»، يرعى قطيع ماشيته على سفح جبل «أيدا» القريب.
معشوق النساء!
ورغم أن الراعي الشاب «باريس» كان يكسب عيشه من هذه الحرفة المتواضعة، فإنه كان سليل ملكين من أعظم ملوك ذلك الزمان: هما «بريام» ملك طروادة، و«هيكوبا» ملكتها! وكان عراف قد تنبأ له في طفولته بأنه سوف يجلب الخراب والكوارث على وطنه، فآثر والداه أن يضحيا به في سبيل طروادة، فتركاه على سفح تل ليموت، لكن الأقدار هيأت له راعيا فقيرا عثر عليه فأنقذه، وتبناه! وشب «باريس» فاتن الطلعة رائع الجمال، إلى حد أوقع جميع الحوريات والراعيات في هواه، أما هو فوقع في هوى حورية تدعى «أوينون »، وعاش الاثنان في سفوح جبل «أيدا» حياة مترعة بالسعادة.
الفتنة تسعى إليه!
نامعلوم صفحہ