دع عنك ذا السيف الذي جردته
عيناك أمضى من مضارب حده
كل السيوف قواطع إن جردت
وحسام لحظك قاطع في غمده
إن رمت تقتلني فأنت مخير
من ذا يعارض سيدا في عبده
ومهما يكن قدر الصحة من هذه القصة المروية على أساليب مختلفة، فإن فيها إشارة بينة إلى تأثير الأحوال بأفكار الرجال، وفعل الحضارة بقرائح الشعراء.
وهذا كان شأن الشعراء في زمن الدولة العباسية، فإنهم رتعوا في أرجاء ذلك الملك الفسيح متربعين بعد شظف العيش على الطنافس الوثيرة في المنازل الأنيقة أمام الحدائق الغناء، وخلفاؤهم يصعدون بالأمة في سلم المدنية يحرصون على استثمار ذلك الفتح المبين؛ فيدخرون ما تلقوه عمن تقدمهم، ولا يألون جهدا في إحكامه وإلقائه حتى بهروا الغرب بما تجمع لديهم من ذخائر السلف النفيسة، وإن التحف الغراء التي كان هارون الرشيد ينفح بها شارلمان من غرر تلك الكنوز، ومن جملتها ساعته التي تلقاها سلطان المغرب آية من الآيات لا تبقي مجالا للريب في مبلغ الثروة العباسية، واستحكام النهضة وسريانها من العراق إلى مصر والشام والأندلس، وسائر البلاد التي طرقها المسلمون.
فلا بدع، وكل ذلك مشهود الشعراء أن تتثقف أذهانهم وتتروض نفوسهم، وتتسع مداركهم، ويرق تصورهم ويمرحوا في روض من الشعر أريض يجولون فيه جولة لم تتوفر أسبابها لسلفائهم.
ولهذا لم يكن لشاعر جاهلي أو مخضرم أن يبدع إبداع الرقاشي بقوله:
نامعلوم صفحہ