ولا بد لنا قبل الحديث عن المؤلف والكتاب أن نذكر فصولا تكون كالمقدمة لهذا الكتاب لانه خلا منها، وتشمل هذه المقدمة: أولا: معنى النسخ (في اللغة والاصطلاح): يأتى النسخ في كلام العرب على ثلاثة أوجه: الاول أن يكون مأخوذا من قول العرب: نسخت الكتاب، اذا نقلت ما فيه الى كتاب آخر، فهذا لم يغير المنسوخ منه انما صار نظيرا له، أى نسخة ثانية منه.
وهذا النسخ لا يدخل في النسخ الذى هو موضوع بحثنا.
والثانى أن يكون مأخوذا من قول العرب: نسخت الشمس الظل، اذا أزالته وحلت محله، وهذا المعنى هو الذى يدخل في موضوع ناسخ القرآن ومنسوخه.
والثالث أن يكون ماخوذا من قول العرب: نسخت الريح الاثار، اذا أزالتها فلم يبق منها عوض ولا حلت الريح محل الاثار.
هذا هو معنى السنخ في اللغة.
أما النسخ في الاصطلاح فهو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر.
فالحكم المرفوع بسمى (المنسوخ)، والدليل الرافع يسمى (الناسخ) ويسمى الرفع (النسخ).
فعملية النسخ على هذا تقتضى منسوخا وهو الحكم الذى كان مقررا سابقا، وتقتضى ناسخا، وهو الدليل اللاحق (1).
ثانيا: أين يقع النسخ ؟: لا يقع النسخ الا في الامر والنهى ولو بلفظ الخبر، أما الخبر الذى ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ومنه الوعد والوعيد.
__________
(1) ينظر في معنى النسخ: مقاييس اللغة 5 / 424 الايضاح لناسخ القرآن ومنسوخه 41، مفردات الراغب 511، الاعتبار للحازمى 5، اللسان والتاج (نسخ).
صفحہ 6