77

الاختيار تعليل المختار

الاختيار لتعليل المختار

تحقیق کنندہ

محمود أبو دقيقة

ناشر

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1356 ہجری

پبلشر کا مقام

القاهرة

اصناف

فقہ حنفی
وَالْعَاصِي (ف) وَالْمُطِيعُ فِي الرُّخَصِ سَوَاءٌ.
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ الْأَصِحَّاءِ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
صَلَاتِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: «أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ»، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَالَ: (وَالْعَاصِي وَالْمُطِيعُ فِي الرُّخَصِ سَوَاءٌ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] . وقَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] . وَقَوْلُهُ: ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] . وَقَوْلُهُ ﵊: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا»، مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، فَصَارَ كَمَا إِذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ فِي مُبَاحٍ ثُمَّ نَوَى الْمَعْصِيَةَ بَعْدَهُ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: ﴿غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ﴾ [البقرة: ١٧٣] أَيْ غَيْرَ مُتَلَذِّذٍ فِي أَكْلِهَا وَلَا مُتَجَاوِزٍ قَدْرَ الضَّرُورَةِ، وَنَحْنُ لَا نَجْعَلُ الْمَعْصِيَةَ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ لُحُوقُ الْمَشَقَّةِ النَّاشِئَةِ مِنْ نَقْلِ الْأَقْدَامِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَحْظُورُ مَا يُجَاوِرُهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَكَانَ السَّفَرُ مِنْ حَيْثُ إِفَادَتِهِ الرُّخْصَةَ مُبَاحًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُ الِانْفِصَالَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَوْطَانَ ثَلَاثَةٌ: أَصْلِيٌّ وَيُسَمَّى أَهْلِيًّا، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقِرُّ الْإِنْسَانُ فِيهِ مَعَ أَهْلِهِ، وَذَلِكَ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بِمِثْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ بِأَهْلِهِ بِعَزْلِ الْقَرَارِ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ ﵊ بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ سَمَّى نَفْسَهُ مُسَافِرًا بِمَكَّةَ حَيْثُ قَالَ: «فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» .
وَالثَّانِي وَطَنُ إِقَامَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُهُ الْمُسَافِرُ فَيَنْوِي أَنْ يُقِيمَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيَبْطُلُ بِالْأَصْلِيِّ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِالْمُمَائِلِ لِطَرَيَانِهِ عَلَيْهِ، وَبِإِنْشَاءِ السَّفَرِ لِمُنَافَاتِهِ الْإِقَامَةَ. وَالثَّالِثُ وَطَنٌ سَكَنِيٌّ، وَهُوَ أَنْ يُقِيمَ الْإِنْسَانُ فِي مَرْحَلَةٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيَبْطُلُ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِأَنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَبِمِثْلِهِ لِطَرَيَانِهِ عَلَيْهِ، وَبَيَانُ ضَعْفِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَإِتْمَامِ الصَّلَاةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
ِ اعْلَمْ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ مَحْكَمَةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إِلَّا لِعُذْرٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] . وَقَالَ ﵊ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي يَوْمِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، فِي عَامِي هَذَا، فِي مَقَامِي هَذَا، فَرِيضَةً وَاجِبَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
قَالَ: (وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ الْأَصِحَّاءِ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ) قَالَ ﵊: «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ

1 / 81