الاختيار تعليل المختار

Ibn Mawdud al-Mosuli d. 683 AH
115

الاختيار تعليل المختار

الاختيار لتعليل المختار

تحقیق کنندہ

محمود أبو دقيقة

ناشر

مطبعة الحلبي - القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت، وغيرها)

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1356 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

فقہ حنفی
وَالْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ يُعْطَى بِقَدْرِ عَمَلِهِ، وَمُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ وَالْحَاجِّ، وَالْمُكَاتَبُ يُعَانُ فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ، وَالْمَدْيُونُ الْفَقِيرُ، وَالْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَهُمْ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَحَدِهِمْ، ــ [الاختيار لتعليل المختار] لَا يَسْأَلُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَيْهِمْ وَالْوَصَايَا لَهُمْ دُونَ الزَّكَاةِ. قَالَ: (وَالْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ يُعْطَى بِقَدْرِ عَمَلِهِ) مَا يَسَعُهُ وَأَعْوَانَهُ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ أَوْ نَقَصَ؛ لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِلْفُقَرَاءِ، فَيَكُونُ كِفَايَتُهُ فِي مَالِهِمْ كَالْمُقَاتِلَةِ وَالْقَاضِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْإِجَارةِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَيَحِلُّ لِلْغَنِيِّ دُونَ الْهَاشِمِيِّ لِمَا فِيهَا مِنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ، وَالْهَاشِمِيُّ أَوْلَى بِالْكَرَامَةِ وَالتَّنَزُّهِ عَنِ الْوَسَخِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْغَنِيُّ، وَلَوْ هَلَكَتِ الزَّكَاةُ فِي يَدِ الْعَامِلِ سَقَطَ أَجْرُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيمَا أَخَذَ وَأَجْزَأَتْ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْإِمَامِ وَالْفُقَرَاءِ. قَالَ: (وَمُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ وَالْحَاجِّ) وَهُمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠]) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُمْ فُقَرَاءُ الْغُزَاةِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ إِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ. وَلِمُحَمَّدٍ: أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ بَعِيرًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ الْحَاجَّ، وَلِأَنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا فِيهِ مِنِ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَطَاعَتِهِ وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. قَالَ: (وَالْمُكَاتَبُ يُعَانُ فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ [التوبة: ٦٠]) هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ، قَالُوا: لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى مُكَاتَبٍ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى. وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يُدْفَعُ إِلَى مُكَاتَبِ غَنِيٍّ، وَإِطْلَاقُ النَّصِّ يَقْتَضِي الْكُلَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ: (وَالْمَدْيُونُ الْفَقِيرُ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْغَارِمِينَ﴾ [التوبة: ٦٠] وَإِطْلَاقُ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ الصَّرْفِ إِلَى مُطْلَقِ الْمَدْيُونِ إِلَّا أَنَّهُ قَامَ الدَّلِيلُ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ» عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَمَّا عَلَيْهِ. قَالَ: (وَالْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ) وَهُوَ ابْنُ السَّبِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إِلَى الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ فَكَانَ كَالْفَقِيرِ، فَهُوَ فَقِيرٌ حَيْثُ هُوَ غَنِيٌّ حَيْثُ مَالُهُ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ عِنْدَهُ فَلَهَا نَفَقَةُ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ حَيْثُ مَالُهُ فَلَهَا نَفَقَةُ الْأَغْنِيَاءِ. قَالَ: (وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَهُمْ) وَلَا خِلَافَ فِيهِ. (وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَحَدِهِمْ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْآخِذُ لَهَا. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: ١٠٤] . وَقَالَ ﵊: «إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ السَّائِلِ» الْحَدِيثَ، وَإِضَافَتُهُ إِلَيْهِمْ بِحَرْفِ اللَّامِ لِبَيَانِ أَنَّهُمْ مَصَارِفُ لَا لِبَيَانِ أَنَّهُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا، وَبِعِلَّةِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ صَارُوا مَصَارِفَ، وَالْمَقْصُودُ هُوَ إِغْنَاءُ الْفَقِيرِ، وَسَدُّ خُلَّةِ الْمُحْتَاجِ. قَالَ ﵊: «خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ» وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَى الْأَغْنِيَاءِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ دَفْعُ الْحَاجَةِ، وَهُوَ مَعْنًى يَعُمُّ الْكُلَّ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالدَّفْعِ إِلَى الْبَعْضِ، بِخِلَافِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ صَدَقَةً بَلْ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ.

1 / 119