كتاب المدبر
مدخل
...
كتاب المدبر
من اختلاف الفقهاء
تأليف أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
بسم الله الرحمن الرحيم
"أجمعت الحجة التي لا يجوز خلافها" أن من دبر عبده ثم لم يحدث لتدبيره ذلك1 نقضا ما بإزالة ملكه عن مدبره ذلك إلى غيره ببعض المعاني التي تزول2 بها الأملاك ولم يرجع في تدبيره بقول يكون ذلك رجوعا عند من نوى الرجوع فيه على ما سنصفه عند انتهائنا إليه في كتابنا هذا وكان المدبر مأمورا3 منهيا جائز الأمر في ماله يوم دبر ثم مات السيد المدبر ويحتمله ثلث تركته ولم يكن لأحد عليه يوم مات دين يعجز ثلث ماله بعد قضاء دينه عن جميع قيمة مدبره ولا وصية له في ماله يقصر ثلث تركته بعد قضاء دينه وإنفاذ وصاياه الجائزة عن جميع قيمة مدبره إن4 عبده ذلك الذي دبره في حياته حر بعد وفاته إذا كان الأمر على ما وصفت.
صفحہ 23
ثم اختلفوا في صفة القول الذي إذا وجد من القائل لعبده حكم للمقول له ذلك من عبيده بأنه مدبر
1
فقال مالك2 كل عتاقة أعتقها رجل بعد موته في صحة أو مرض فهي وصية يردها3 الرجل4 إن شاء ويغيرها5 متى شاء ما لم6 يدبر فإذا7 دبر فلا سبيل له إلى8 رد ما دبر قال ويفرق بين الوصية والتدبير أن يقول له اعتقه عن دبر فإن لم يذكر التدبير في العتق فهي وصية حدثني "بذلك يونس عن ابن وهب عنه"9
وقال الشافعي10 الذي لا أعلم بين الناس اختلافا11 فيه أن تدبير العبد أن يقول له سيده صحيحا أو مريضا أنت مدبر وكذلك إن قال له أنت مدبر12 أو قال أردت عتقه بكل حال بعد موتي13 أو أنت عتيق أو أنت محرر أو أنت حر إذا مت أو متى مت أو بعد موتي14 أو
صفحہ 24
ما أشبه هذا من الكلام فهذا كله تدبير1 قال وسواء عندي قال أنت حر بعد موتي أو متى مت إن لم أحدث فيك حدثا أو ترك2 استثناء في أن يحدث فيه3 حدثا لأن له أن يحدث فيه نقض التدبير حدثنا بذلك عنه الربيع4.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لمملوكه أنت حر بعد موتي أو أنت حر إذا مت أو أنت حر متى مت أو أنت حر متى ما مت أو أنت حر إن حدث بي حدث فهذا كله باب واحد وهو مدبر.
وقالوا إذا قال الرجل لعبده أنت مدبر أو قال لأمته أنت مدبرة فانهما جميعا مدبران وقالوا أرأيت لو كان أعجميا لا يفصح بالتدبير فقال هذه المقالة أما كان يكون مدبرا وقالوا إن قال قد دبرتك فهو مدبر قالوا وقوله قد دبرتك أو أعتقتك عن5 دبر سواء وكذلك إذا قال أنت حر يوم أموت فإن نوى النهار دون الليل فإنه ليس بمدبر الجوزجاني عن محمد.
وعلة من قال بقول مالك إن القائل لمملوكه قد اعتقتك عن دبر مني مجمع عليه أنه قد دبر عبده ومختلف6 فيما خالف ذلك من القول هل هو تدبير أم لا والتدبير اسم لمعنى والأسماء لا تثبت على الصحة للمسمى بها إلا بحجة يجب التسليم لها من كتاب أو سنة أو أجماع.
صفحہ 25
وعلة من قال بقول الشافعي في ذلك إن التدبير إنما هو عتق الرجل عبده بعد إدباره وهلاكه وكذلك قول القائل لعبده أنت حر عن دبر مني أو قد أعتقتك عن دبر مني إنما يعني بذلك أنت حر بعد موتي أو أنت حر إذا مت وأدبرت فكل ما كان من عتق يقع على عبده مع إدباره وهلاكه بإيقاعه إياه عليه حينئذ بقول كان منه في حياته فهو تدبير.
قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي وبالله التوفيق إن قول القائل لعبده قد اعتقتك عن دبر مني وأنت حر بعد موتي وأنت حر إذا مت بمعنى واحد لأن ذلك كله إنما هو إيجاب عتق للعبد بعد خروج نفس السيد بلا فصل بل قول القائل أنت حر إذا مت أوضح وأبين في إيجاب العتق للمملوك في تلك الحال من قوله قد اعتقتك عن دبر وإذا كانت الأشياء متفقة المعاني من جهة ما وجب بما وجب لبعضها1 من الحكم لم يجز التفريق بين أحكامها فيما اتفقت فيه إلا بحجة يجب التسليم لها وكذلك الحكم في ذلك إن قال أنت حر إن حدث بي حدث الموت أو أنت مدبر فإن قال أنت حر يوم أموت فإن قال أردت بعد موتي فهو تدبير وإن قال أردت بذلك أنت حر إن مت نهارا أو إن مت ليلا فليس ذلك تدبيرا وإنما هو عتق على صفة لأن التدبير هو ما وصفناه من عتق الرجل عبده عند إدباره وهلاكه على أي حال وفي أي وقت كان إدباره فأما إذا كان عتقا عند إدباره بصفة دون صفة وفي حال دون حال فذلك عتق بشرط إن وجد وقع وإن لم يوجد لم يقع ولا يستحق العبد المعتق على ذلك ان معه يقال له2 مدبر إذ الإسم المطلق بالتدبير3 على كل معاني إدبار المدبر لا على معنى دون معنى وإذا كان على بعض دون بعض لم يجز أن يطلق ذلك الإسم له.
صفحہ 26
واختلفوا في قول القائل لمملوكه أنت حر.
بعد موتي أو ساعة أو شهر أو سنة أو ما أشبه ذلك من القول الذي لا يستوجب1 به العبد الحرية بعد موت السيد بلا فصل ولا يستوجبها إلا بعد وفاته بمدة وهل يكون ذلك القول تدبيرا أم لا.
فقال مالك ذلك وصية وللسيد أن يغير وصيته إن شاء ويردها متى شاء وليس بتدبير "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه".
وهو قول الأوزاعي "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه"2.
وقال الشافعي إذا قال السيد لعبده أنت حر بعد موتي بعشر سنين فهو حر في ذلك الوقت من الثلث وإن كانت أمة فولدها بمنزلتها3 يعتقون إذا عتقت وهذه أقوى عتقا من4 المدبرة لأن هذه لا يرجع فيها إذا مات سيدها وما كان سيدها حيا فهي بمنزلة المدبرة حدثنا بذلك عنه الربيع.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لعبده أنت حر بعد موتي بيوم أو بشهر أو بأكثر من ذلك فإن هذا لا يكون مدبرا وللمولى أن يبيعه فإن لم يبعه حتى مات المولى فإنه يعتق من ثلثه بعدما يمضي الوقت بعد موته ولا يعتق حتى تعتقه الورثة الجوزجاني عن محمد.
وعلة من قال ليس هذا القول من القائل تدبيرا أن التدبير ما وصفناه
صفحہ 27
قبل من ألا يكون1 المدبر مدبرا هالكا إلا والمدبر معتق بعد هلاكه بلا فصل فأما إذا لم يكن كذلك فليس ذلك تدبيرا لأن ذلك اسم لمعنى ومتى كان بخلاف ذلك لم يلزمه ذلك الإسم.
وعلة من قال هو تدبير أن التدبير عتق عبد بعد وفاة المعتق فأي عتق كان بتلك الصفة فهو تدبير
قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي وبالله التوفيق إن هذا القول من قائله لا يستحق اسم تدبير لما وصفت من العلل لقائل ذلك.
صفحہ 28
ثم اختلفوا في حكم العبد يعتق إلى أجل
أو على شرط1 أو صفة فيموت السيد قبل مجيء الأجل ووجود الشرط.
فقال مالك من قال غلامي حر إلى رأس السنة إن مات السيد قبل ذلك كان العبد حرا عند السنة من رأس المال حدثني "بذلك يونس عن ابن وهب عنه".
وقال في الرجل يقول لغلامه إذا مات فلان فأنت حر ولا يحبسه عليه ثم يموت سيد العبد قال يخدم العبد الورثة فإن مات الرجل الذي سمى عتق العبد في غير الثلث وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لعبده أنت حر بعد عشر سنين وقال في الرجل يقول لغلامه إذا مات فلان فأنت حر فإنه يأخذ من ماله2 شيئا وإنه لا يدخل في ثلث سيده إن مات وقال في رجل قال لجاريته إن لم أضربك عشرة أسواط في ذنب
صفحہ 28
جئت به فأنت حرة فأراد بيعها ولا يضربها قال لا أراه يجوز له بيعها ولا هبتها حتى يضربها وإن باعها فسخ البيع وردت إليه على تلك المنزلة ولا يضرب له أجل إن لم يضربها إليه عتقت فإن مات عتقت في ثلثه ولم تكن في رأس ماله وإن ماتت هي فلا عتاقة لها إنما ماتت وهي أمة وقال في الذي يحلف بالعتق إن لم يفعل كذا فيموت قبل أن يفعل قال يعتق ذلك الذي حلف بعتاقته في ثلث ماله 1قال وسمعت مالكا يقول في الرجل يقول إن لم يفعل كذا فإن وليدته حرة قال لا يطأها ولا يبيعها حتى يفعل الذي حلف عليه فإن ابن عمر قال لا يطأ الرجل وليدة إلا وليدة إن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء وإن الذي يجعل جاريته حرة إن لم يفعل كذا لا يقدر على بيعها حتى يفعل الذي حلف عليه فإن هلك ولم2 يفعل الذي حلف عليه خرجت الجارية حرة من الثلث 3قال وقال لي مالك وإن قال وليدته حرة إن لم يفعل كذا إلى أجل سماه فإنه لا يبيعها أيضا حتى يفعل ما حلف عليه ولكنه يطأها إن شاء ما بينه وبين الأجل الذي سمى ثم يوقف عنها عند ذلك الأجل إن لم يفعل الذي حلف عليه فإن مات قبل أن ينقضي الأجل فلم يحنث لأنه شرط شرطا لا يؤخذ به حتى يأتي الأجل وهو حي فإذا جاء الأجل ولم يفعل الذي حلف عليه عتق الذي حلف بعتاقته.
وقال الشافعي4 إذا قال السيد لعبده أنت حر إذا مضت سنة أو سنتان5 أو قال شهر كذا أو سنة كذا أو سنة كذا أو يوم كذا فجاء ذلك الوقت وهو
صفحہ 29
في ملكه فهو حر وله أن يرجع في ذلك كله بأن يخرجه من ملكه ببيع أو هبة أو غيره كما يرجع في غيره1 وإن لم يرجع فيه أو كان قال هذا لأمة فالقول فيه2 قولان أحدهما أن كل شيء كائن لا يخلف بحال فهو كالتدبير وولدها فيه كولد المدبرة وحالها حال المدبرة في كل شيء إلا أنها تعتق من رأس المال وهذا قول يحتمل القياس وبه أقول3 والقول الثاني أنها تخالف المدبرة ولا4 يكون ولدها بمنزلتها وتعتق5 هي دون ولدها الذين ولدوا بعد هذا القول6. قال ولو قال لعبده في صحته أو لأمته متى قدم فلان فأنت حر أو متى برأ فلان فأنت حر فله الرجوع بأن يبيعه قبل أن يقدم فلان أو يبرأ فلان وإن قدم فلان أو برأ فلان قبل أن يرجع عتق عليه من رأس ماله إذا قدم فلان أو كان الذي أوقع العتق عليه7 به والقائل مالك حي مريضا كان أو صحيحا لأنه لم يحدث في المرض شيئا8. قال9 ولا أعلم بين ولد الأمة يقال لها إذا قدم فلان فأنت حرة وولد10 المدبرة والمعتقة إلى سنة فرقا بينا11 بل القياس أن يكونوا في حال واحدة. قال12 ولو
صفحہ 30
قال إذا قدم فلان فأنت حر متى مت وإذا1 جاءت السنة فأنت حر متى مت فمات كان مدبرا في ذلك الوقت ولو قال أنت حر إن مت في مرضي2 هذا أو في سفري هذا أو عامي هذا فليس هذا بتدبير3 وإذا صح4 ثم مات من غير مرضه لم يكن حرا والتدبير ما أثبت السيد التدبير فيه للمدبر5 وإذا قال6 الرجل لعبده إن شئت فأنت حر متى مت فشاء فهو7 مدبر وإن لم يشأ لم يكن مدبرا وإن قال8 إذا مت فشئت فأنت حر فإن شاء إذا مات فهو حر وإن لم يشأ لم يكن حرا9 وكذلك إذا قال أنت حر إذا مت إن شئت وكذلك إن قدم الحرية قبل المشيئة أو أخرها10 ولو قال11 إن شاء فلان وفلان فغلامي حر عتقا12 بتاتا أو حر بعد موتي فإن شاءا كان حرا وكان المدبر مدبرا وإن شاء أحدهما ولم يشأ الآخر أو مات الآخر أو غاب لم يكن حرا حتى يجتمعا فيشاءا معا13 بالقول حدثنا بذلك عنه الربيع.
صفحہ 31
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لعبده إن حدث بي حدث في سفري هذا أو مرضي هذا فأنت حر فإن هذا لا يكون مدبرا فإن مات في ذلك الوجه أو من ذلك المرض عتق العبد من ثلثه وإن مات بعد رجوعه من ذلك السفر ومن بعد البرء من ذلك المرض فإن العبد لا يعتق وله أن يبيعه قبل أن يبرأ وقبل أن يقدم من سفره إن شاء الله وكذلك لو قال إن قتلت فأنت حر وكذلك لو قال إن مت بموضع كذا فأنت حر لا يكون مدبرا كل شيء وصفه من الموت لا يعلم أنه يموت به فإنه لا يكون مدبرا ألا ترى أن مولاه لو مات قبل الرحيل1 كان العبد للورثة ويقسم فكيف يكون مدبرا وسهام الورثة تجري فيه وإذا قال له أنت حر بعد موت فلان وموتي أو بعد موتي وموت فلان فهو سواء ولا يكون مدبرا وله أن يبيعه إن شاء فإن مات المولى قبل فلان كان للورثة أن يبيعوه وإن مات فلان قبل المولى كان مدبرا ليس لمولاه أن يبيعه ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبرا وكذلك إذا قال له إذا كلمت فلانا فأنت حر بعد2 موتي فكلمه فكلمه فإنه يكون مدبرا.
وإذا قال لعبده أنت حر بعد موتي إن شئت فإن هذا لا يكون مدبرا فإن كان المولى ينوي بالمشيئة إن شئت الساعة فشاء العبد ذلك ساعتئذ فهو حر وإن كان ينوي بالمشيئة بعد الموت فليس للعبد مشيئة حتى يموت المولى فإن مات المولى فشاء3 عند موته فهو حر من ثلثه قالوا:
وإذا قال الرجل كل مملوك لي حر بعد موتي فما كان في ملكه يوم قال هذه المقالة فهو مدبر وما ملك بعد هذه المقالة من مملوك فإنه لا يكون مدبرا
صفحہ 32
وله أن يبيعه ولكن إن مات وهو في ملكه عتق من ثلثه مع المدبرين وكذلك إذا قال كل مملوك لي إذا أنا مت فهو حر مثل ذلك أيضا فإن كان مملوك بينه وبين آخر في ملكه يوم قال هذه المقالة فإنه لا يعتق من قبل أنه ليس له بمملوك تام.
وقالوا إذا قال الرجل لعبدين له أنتما حران بعد موتي إن دخلتما هذه الدار فدخل أحدهما1 ومات الآخر فإنه لا يكون مدبرا من قبل إنهما لم يدخلا جميعا وكذلك لو قال إن شئتما فأنتما مدبران فمات أحدهما قبل أن يشاء فإن الثاني لا يكون مدبرا وقالوا إذا جعل الرجل أمر عبده إلى صبي فقال دبره فدبره فهو جائز وإن قام من ذلك المجلس قبل أن يدبره فليس له أن يدبره بعد ذلك وكذلك لو جعل أمره إلى رجل مجنون2 مغلوب أو إلى صحيح فهو سواء وإن جعل أمره إلى رجلين فدبر أحدهما ولم يدبر الآخر فإنه لا يجوز وقالوا إذا قال الرجل لرجلين دبرا عبدي فدبره أحدهما فإنه جائز من قبل انهما هاهنا رسولان له أن ينهاهما وهما في الباب الأول أمره إليهما ليس له أن ينهاهما الجوزجاني عن محمد.
وعلة من قال يقول مالك إن المعتق عبده إلى أجل إذا مات قبل الأجل إن العبد يعتق عند الآجل من رأس المال إن ذلك عتق في الصحة لا وصية وإنما يعتق من الثلث ما كان وصية أو في معنى الوصية من عتق في مرض ومولى العبد المعتق إلى أجل إنما أعتق في صحته فمتى جاء الأجل وهو في ملكه كان حرا من رأس ماله وعلته في منع الحالف بعتق عبده إن لم يفعل كذا من بيعه قبل فعله ما حلف عليه ووطئه الجارية المحلوف عليها بذلك
صفحہ 33
حتى يبر1 في يمينه إن الحجة مجمعة على عتق العبد المحلوف عليه فهذه اليمين إن مات السيد الحالف وقد فرط في فعل ما حلف عليه مع قدرته على فعله تطاولت مدة حياته بعد اليمين مع إمكان الفعل أو قصرت فلما كان العبد محبوسا على عتقه بموت السيد أو ثبوت رقه ببر السيد في يمينه لم يكن للمولى بيعه ولا وطؤ2 الجارية إن كان المحلوف عليه جارية حتى تعلم صحة أمره من الرق أو العتق.
وعلة من قال إن مات المعتق عبده إلى أجل قبل الأجل إن عتقه باطل إن الجميع مجمعون على أن رجلا لو قال لعبده إذا قدم فلان فأنت حر ثم مات قائل ذلك والعبد المقول له ذلك في ملكه ثم قدم فلان ذلك أن العبد لا يعتق لأن ملك السيد قد زال عن عبده بموته وكان ملكا لغيره من الورثة فلا يعتق عبد غيره بقوله الذي كان منه في حال ملكه لأنه لم يدبره ولم يوص بعتقه فكذلك المعتق إلى أجل إذا مات قبل مجيء الأجل والعبد في ملكه.
وأما علتهم في سائر المسائل غيرها على إختلافهم فيها فشبيهة بعللنا لهم في المسائل قبلها فيما يكون به العبد من القول مدبرا وما يكون وصية من الثلث ولا خلاف بين الجميع أن رجلا لو قال لعبده أنت حر غدا أو بعد موتي أنه لا يقع العتق إلا في الوقت الذي أوقعه السيد.
صفحہ 34
ثم اختلفوا في عتق المدبر إذا مات سيده قبل رجوعه عن تدبيره أمن جميع ما له عتقه أم من الثلث
فقال مالك فيما "حدثني يونس عن أشهب وابن وهب عنه" والأوزاعي فيما "حدثني به العباس عن أبيه عنه" والثوري
صفحہ 34
فيما "حدثني به علي عن زيد عنه" "والشافعي فيما حدثنا به الربيع عنه".
وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور إذا مات سيد المدبر عتق المدبر من ثلث ماله.
وقال مسروق بن الأجدع يعتق من جميع المال حدثنا بذلك أبو كريب وأبو السائب قالا "حدثنا عبد الله بن إدريس قال أخبرنا ابن أبجر عن الشعبي أن مسروقا كان يجعل" المدبر يخرج فارغا من جميع المال "وحدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان1 عن ابن أبجر عن الشعبي مثله وهو قول الشعبي"
علة من قال بقول مالك في ذلك إجماع الحجة على ما قال.
علة من قال بقول مسروق فيه القياس على ما أجمعت الحجة عليه من حكم أم الولد أنها مملوكة لسيدها لا تباع ولا توهب ويستمتع بها سيدها فإذا2 مات السيد عتقت من رأس ماله وهي معتقة عن دبر فكذلك حكم كل معتقة عن دبر فمن رأس المال.
قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي ما قال مالك ومن ذكرنا قوله انه من الثلث لإجماع الحجة على ذلك.
صفحہ 35
ثم اختلفوا في السيد هل له أن يرجع عن تدبيره ببيع أو قول أو غير ذلك من وجوه الرجوع؟
1فقال مالك2 الأمر عندنا في المدبران صاحبه لا يبيعه ولا يحوله
صفحہ 35
عن موضعه الذي وضعه1 عليه وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه لأنه استثنى عمله ما عاش فليس له أن يخدمه حياته ثم يعتقه على2 وارثه إذا مات من رأس3 ماله4 ولكنه يكون في الثلث ويكون الثلثان للورثة وإن مات سيد المدبر ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان ثلثاه للورثة5 وإن مات سيد المدبر وعليه دين يحيط بالمدبر بيع في دينه لأنه إنما يعتق في الثلث6. وإن كان يحيط بنصف المدبر بيع نصفه ثم عتق ثلث ما بقي منه بعد الدين قال وهذه سنة المدبر التي لا خلاف فيها ببلدنا "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه" وقال مالك لا أرى أن يباع المدبر فإن هو بيع بجهالة وعتق وطال زمانه وتفاوت ذلك فأرى أن ينفذ عتقه ويكون الولاء للذي اشتراه واعتقه
وقال الأوزاعي لا يجوز بيع المدبر "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه".
وقال الثوري إذا باع الرجل المدبرة من رجل فإن البيع مردود قال ولا يجوز بيع المدبر والمدبرة "حدثني بذلك علي عن زيد عنه".
7وقال الشافعي المدبر ومن لم يدبر من العبيد سواء يجوز بيعهم متى شاء مالكهم وفي كل حق لزم مالكهم يجوز بيعهم متى شاء وفي كل ما يباع
صفحہ 36
فيه مال سيدهم إذا لم يوجد له وفاء إلا بيعهم.1 وقال إذا دبر الرجل عبده فله الرجوع في2 تدبيره بأن يخرجه من ملكه3 4قال ولو لزم سيده دين بدئ5 بعتق المدبر من ماله فبيع عليه ولا يباع المدبر حتى.6 لا يوجد له قضاء إلا ببيعه أو بقول السيد قد أبطلت تدبيره وهو على التدبير حتى يرجع فيه أو لا يوجد له مال يؤدى7 منه دينه غيره.8 قال ولو لم يلزم سيده دين كان له ابطال تدبيره فإن قال سيده قد رجعت في تدبير هذا العبد أو ابطلته أو نقضته أو ما أشبه ذلك مما يكون مثله رجوعا في وصيته لرجل أو أوصى له به لم يكن ذلك نقضا للتدبير حتى يخرجه من ملكه ذلك وهو9 مخالف الوصية في هذا ويجامع الإيمان10 وكذلك لو دبره ثم وهبه لرجل هبة بتات قبضه أو لم يقبضه أو رجع في الهبة أو تم عليها أو أوصي به لرجل أو تصدق به عليه أو وقفه عليه في حياته أو بعد موته أو قال إن أدى بعد11 موتي كذا وكذا فهو حر فهذا كله رجوع في التدبير12 ناقض له13 قال14
صفحہ 37
ولو دبره ثم أوصي بنصفه لرجل كان النصف للموصى له به وكان النصف مدبرا.
فإن رد صاحب الوصية1 الوصية ومات السيد المدبر لم يعتق من العبد إلا النصف لأن السيد قد أبطل التدبير في النصف الذي2 أوصى به فكذلك لو3 باع نصفه وهو حي أو4 وهب نصفه وهو حي كان قد أبطل التدبير في النصف الذي باع ووهب والنصف الثاني مدبر ما لم يرجع فيه.5 وإذا كان له أن يدبر على الابتداء6 نصف عبده كان له أن يبع نصفه ويقر النصف مدبرا بحاله7 وكذلك إن دبره ثم قال قد رجعت في8 تدبير ثلثك أو ربعك أو نصفك فأبطلته كان ما رجع فيه منه9 خارجا من التدبير وما لم يرجع فيه فهو على تدبيره بحاله10.
11قال ولو دبر رجل عبده ثم قال اخدم فلانا لرجل12 آخر ثلاث سنين وأنت حر فإن غاب المدبر القائل هذا أو خرس أو ذهب عقله13 قبل
صفحہ 38
أن1 يسأل لم يعتق العبد أبدا إلا بأن يموت2 السيد المدبر وهو يخرج من الثلث ويخدم فلانا ثلاث سنين فإن مات فلان قبل موت السيد أو بعده ولم يخدمه ثلاث سنين لم يعتق أبدا لأنه اعتقه بشرطين فبطل أحدهما وإن سئل السيد فقال أردت إبطال التدبير وإن يخدم فلانا ثلاث سنين ثم هو حر فالتدبير باطل وإن خدم فلانا ثلاث سنين فهو حر وإن مات فلان قبل3 أن يخدمه أو4 لم يخدمه العبد لم يعتق.5 ولو أراد السيد الرجوع في الإخدام رجع فيه ولم يكن العبد حرا وإن قال أردت أن يكون مدبرا6 وأن يخدم فلانا ثلاث سنين والتدبير بحاله لم يعتق إلا بهما معا كما قلنا في المسألة الأولى.7 قال ولو أن رجلا دبر عبدا ثم قال قبل موته إن أدى مائة بعد موتي فهو حر أو عليه خدمة عشر سنين بعد موتي ثم هو حر أو8 قال هو حر بعدي بسنة فإن أدى مائة أو9 خدم عشر سنين بعد موته أو أتت عليه بعد موته سنة فهو حر وإلا لم يعتق وكان هذا كله وصية أحدثها له وعليه بعد التدبير شيء أولى من التدبير كما يكون لو قال عبدي هذا لفلان ثم قال بل نصفه لم يكن له إلا نصفه حدثنا بذلك عنه الربيع.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا أعتق الرجل مملوكا له عن دبر منه
صفحہ 39