الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال".
واعلم أنه وقع في "سنن أبي داود" أحاديث ظاهرة الضعف لم يُبَيِّنْها، مع أنها مُتفقٌ على ضَعْفها عند المحدثين: كالمرسل والمنقطع، وروايته عن مجهول: كشيخ ورجلٍ ونحوه. فقد يقال: إن هذا مخالف لقوله: "ما كان فيه وهن شديد بَيَّنْتُه"!
وجوابه: أنه لمَّا كان ضعف هذا النوع ظاهرًا، استغنى بظهوره عن التصريح ببيانه (^١).
٢ - فصل
ينبغي للمشتغل بالفقه ولغيره الاعتناء بـ"سنن أبي داود"، وبمعرفته التامة، فإن معظم أحاديث الأحكام التي يحتجُّ بها فيه، مع سهولة متناوله، وتلخيص أحاديثه، وبراعة مُصَنَّفِهِ، واعتنائه بتهذيبه (^٢).
_________
(^١) قال النووي في "خلاصة الأحكام" (١/ ٦٠): "واعلم أن "سنن أبي داود والترمذي والنسائي" فيها الصحيح والحسن والضعيف، لكن ضعفُها يسير".
ونقل ابن الملقن في "البدر المنير" (١/ ٣٠١ - ٣٠٢) جل هذا الفصل عن النووي وعزاه له، وقال بعد ذكره لأجوبة أخرى غير المذكورة هنا وختم بجواب النووي هذا، وقال: "قلت: فعلى كل حال لا بد من تأويل كلام أبي داود، والحق فيه ما قرره النووي".
(^٢) قال أبو داود في "رسالته" (ص ٤٦): "ولا أعلم بعد القرآن ألزمَ للناس أن يتعلّموا من هذا الكتاب، ولا يضر رجلا أن لا يكتب من العلم -بعدما يكتب هذا الكتاب- شيئًا، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذٍ يعلم مقداره".
وقال (ص ٥٤): "ولم أصنف في "كتاب السنن" إلا الأحكام، ولم أصنف كتب الزهد وفضائل الأعمال وغيرها، فهذه الاربعة الآلاف والثمان مائة، كلها في الأحكام". =
1 / 56