78

فأنا ابن قيس لا براح

وإذا ضاع معنى الشمول في النفي كان المعنى في البيتين لغوا.

ومن العجيب أن النحاة لا شاهد لهم على إعمالها كذلك إلا هذا البيتان: قال أبو حيان: إنه لم يرد من إعمال «لا» عمل ليس صريحا إلا بيت واحد، هو:

تعز فلا شيء على الأرض باقيا

وقد أنكر الأخفش هذا العمل، واتبعه الإمام الرضي، وجعله ابن الحاجب سماعا، ونص ابن هشام في شرح القطر على أنه خاص بالشعر.

فلم نجد في أقوال النحاة ما يصح به التمييز بين مواضع الرفع ومواضع النصب بعد «لا»، والذين أنكروا إعمالها عمل ليس لم ينكروا - ولا سبيل إلى أن ينكروا - أن الاسم بعدها يكون مرفوعا، ولكنهم يعدونها ملغاة؛ ثم لا يعنون ببيان الفارق في المعنى بين الإعمال والإلغاء، ولا بد عندنا من فارق معنوي.

وقد أجهدنا بحث أقوال النحاة في هذا الباب، ومناقشة آرائهم، وتتبع جدلهم، لنظفر برأي مستقيم يصل بين حكم الإعراب ومعنى الكلام فلم نجد.

وتستطيع أن ترى، ونعدك من الآن أن ستجد، هذا الباب مثلا ممثلا تاما للجهاد النحوي العنيف، الذي يعتمد على الفلسفة النظرية، وخاصة فلسفة العامل؛ فتكثر فيه فروض القول، ويستملى من الفلسفة أحكامها؛ على أنه ليس باليد من أقوال العرب إلا النزر اليسير، ومن أجل هذا يكثر الخلاف، ويطول الجدل، ولا فيصل ولا حكم.

وقد رأينا أن نرجع إلى «الكتاب الكريم» لنعلم استعمال هذا الحرف ومعانيه، ونتبين حكم ما بعده، فوجدنا استعماله على ما يأتي.

استعمال «لا» مع الفعل

نامعلوم صفحہ