هذه أمثلة لها نظائر كثيرة متعددة تملأ أبواب النحو، ولولا طول إلفنا لها في دراسة النحو لما استسغناها ولرأيناها لغوا وعبثا، ولكن عليها بني النحو، وأقيمت فصوله؛ إذ أقيمت على نظرية العامل.
والمقدر في الكلام نوعان: ما يكون قد فهم من الكلام، ودل عليه سياق القول، فترى المحذوف جزءا من المعنى، كأنك نطقت به، وإنما تخففت بحذفه، وآثرت الإيجاز بتركه. وهذا أمر سائغ في كل لغة، بل هو في العربية أكثر لميلها إلى الإيجاز وإلى التخفيف بحذف ما يفهم.
ولكن التقدير الذي نعيبه هو نظير ما قدمنا لك من الأمثلة: كلمات تجتلب لتصحح الإعراب، ولتكمل نظرية العامل، ويسمي النحاة هذا النوع من التقدير، بالتقدير الصناعي، وهو ما يراد به تسوية صناعة الإعراب. (2)
بهذا التقدير والتوسع فيه أضاع النحاة حكم النحو، ولم يجعلوا له كلمة حاسمة وقولا باتا، وكثروا من أوجه الكلام، ومن احتماله لأنواع من الإعراب، يقدرون العامل رافعا فيرفعون، ويقدرونه ناصبا فينصبون، لا يرون أنه يتبع ذلك اختلاف في المعنى ولا تبديل في المفهوم.
كان الكسائي
3
يقرأ يوما بحاشية الرشيد أبيات أفنون التغلبي، ومنها:
أبلغ حبيبا وخلل في سراتهم
أن الفؤاد انطوى منهم على حزن
أنى جزوا عامرا سوءى بفعلهم
نامعلوم صفحہ