وإنما صار الاسم العلم أصله التعريف؛ لأنه الاسم الذي يقصد به المسمي شخصا لتلبيته بذلك الاسم من سائر الشخوص، كرجل سمى ابنه زيدا أو غيره ليعرف باسمه من غيره، وهذا أصله، ثم سمي غيره بمثل ما سمي به، فرادف ذلك الاسم على شخوص كثيرة، وكل شخص منها سمي به لاختصاصه، ثم صار بالمشاركة عاما، فأشبه أسماء الأنواع، كرجل وفرس ونحوه، مما هو لجماعة؛ كل واحد منهم له ذلك الاسم، فإن أورده المتكلم قاصدا إلى واحد، عنده أن المخاطب يعرفه فهو معرفة، وإن أورده على أنه واحد من جماعة لا يعرفه المخاطب فهو نكرة.»
فهذا غاية الجلاء في شرح ما يدخل العلم من معنى التنكير، ووجه آخر آكد عندنا منه، وهو أن العلم كثيرا ما يلمح فيه معنى الوصف، فإنا حين ننقل الكلمة من وصف أو مصدر فنجعلها علما على ذات لم تقصد إلى إهدار معنى الوصف وإضاعته بتاتا؛ كالرشيد والمأمون والأمين. واللقب نوع من العلم، ولولا أن نقصد فيه إلى صفة تمدح أو تذم ما كان لقبا، فإذا استعملت العلم ترمي إلى الدلالة على هذه الصفة فقد جنحت به إلى استعمال الصفات، تنكرها مرة بالتنوين وتعرفها أخرى بأل، فتقول: فضل والفضل وزيد والزيد، وقد دل لهذا الإمام الرضي بأدق تدليل قال:
والدليل على إمكان لمح الوصف في العلمية قولهم: إنما سميت هانئا لنهنأ، وقول حسان في الرسول عليه الصلاة والسلام:
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
وأيضا تعلم أن اللقب كالمظفر وقفة، من الأعلام. واللقب هو الذي يعتبر فيه المدح والذم، فيمكن فيه لمح معنى الوصف الأصلي، ويؤكد هذا قول النحاة: إنما تدخل اللام على الأعلام التي أصلها المصادر المختلفة. ا.ه.
واستعمال العرب يشهد أنهم أحسوا في العلم نوعا من التنكير فقد استعملوه مضافا،
10
وأدخلوا عليه أل، ولم يصنعوا هذا الصنيع بشيء من المعارف سواه، فمما ورد مضافا قول الشاعر:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم
نامعلوم صفحہ