الفصل الرابع: في تعارض الاشتراك والتخصيص
وله أمثلة:
الأول: يقول المالكي: لا تجوز الصلاة المكتوبة في الكعبة، لقوله تعالى: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة/144 , والشطر الجهة، والمصلي داخل الكعبة مستقبل جهة بعضه لا جهة كله، وهو خلاف النص.
فيقول الشافعي: لفظ الشطر مشترك بين الجهة وبين النصف، بدليل صدقه على شطر المال، بمعنى نصفه، فيحمل ها هنا على استقبال النصف، ومن صلى داخل الكعبة فقد استقبل النصف، ومن صلى داخل الكعبة فقد استقبل نصفها واستدبر نصفها، ولو حمل على الجهة واسم الجنس إذا أضيف عم، والمصلي لا يجب عليه استقبال سائر الجهات إجماعا، فيلزم التخصيص، وعلى ما ذكرناه لا يلزم التخصيص، لتعذر أن يكون للحقيقة أكثر من نصفين، فكان ما ذكرناه أولى.
فيقول المالكي: التخصيص أولى من الاشتراك، لما تقرر في علم الأصول. [10/ب]
الثاني: يقول الحنفي: الزنا يوجب تحريم المصاهرة، لقوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} النساء/22، وهذه منكوحة الأب، فوجب أن تحرم، وحمل النكاح على العقد مجاز، الأصل عدمه.
فيقول الشافعي: لفظ النكاح مشترك بين التداخل، لقولهم: نكحت الحصاة خف البعير، وبين السبب الذي يتوصل به إليه؛ لأن العرب كانت لها أسباب تتوصل بها إليه، وتميز البغي عن الزوجة، وإذا كان مشتركا وجب ألا نحمله على التداخل لئلا يلزم التخصيص إذ لا يحرم كل شيء داخله الأب، فوجب حمله على السبب، وهذه عرية عن السبب فوجب ألا تحرم.
صفحہ 36