تصدير
مقدمة الناشرين
موضوع القصة
إحسان
أشخاص القصة
نسق التمثيل
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
نظرات وملاحظات
نامعلوم صفحہ
الأوپرا والأدب المصري
فصل ختامي
نقد الأوپرا إحسان
رد المؤلف
تصدير
مقدمة الناشرين
موضوع القصة
إحسان
أشخاص القصة
نسق التمثيل
نامعلوم صفحہ
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
نظرات وملاحظات
الأوپرا والأدب المصري
فصل ختامي
نقد الأوپرا إحسان
رد المؤلف
إحسان
إحسان
نامعلوم صفحہ
مأساة مصرية تلحينية
تأليف
أحمد زكي أبو شادي
تصدير
لما اعتزمت وضع هذه المأساة التلحينية الواقعة في نيف ومائتين من الأبيات الغنائية المتنوعة كنت أرمي إلى غرضين: أولهما خدمة الشعر القومي عن طريق المسرح أو بعبارة أخرى خدمة الشعر التمثيلي، وثانيهما خدمة فن الأوپرا فيما إذا نالت هذه القصة التمثيلية العناية بها من ملحن قدير ثم من إحدى الفرق التمثيلية الممتازة بمصر.
فأما عن غرضي الأول فهذه ثمرة جهدي في سبيله، وإن يكن جهدا متواضعا ولكنه يتناسب والحالة الفكرية الراهنة في مصر بل لعله سابق إياها، وحسبي أن تنشر القصة لتنال نصيبها من النقد الأدبي؛ ولتكون أساسا صغيرا لمجهود أجل، ولتغدو مشجعة غيري على العمل والإجادة.
وأما عن غرضي الثاني فلست مسئولا عن تحقيقه بأكثر من توفير المعاونة الواجبة، فقد راعيت ظروف المسرح المصري الحاضرة مراعاة وافية: فاقتصرت على إعداد القصة في ثلاثة فصول متوسطة رغم وقائعها الكثيرة مع تجنب الغلو في كل اعتبار يقتضيه الإخراج الفني السليم، ولا سيما في الأوپرا المجهدة بغنائها المتواصل، ومع تقدير مناسبة هذه القصة التلحينية لأية فرقة منظمة مختصة بتمثيل هذا النوع من القصص، بحيث لا تحتاج إلى تحوير أو تعديل في إنشائها وتقسيمها.
وحبا في خدمة التمثيل المصري قد حلت دون التبكير بطبعها لفائدة الأدباء حتى لا يعرقل المجهود الفني التمثيلي، وأرجو أن يتحقق هذا الأمل، فإن لم يتحقق فحسبي أني أرضيت ضميري بما قدمت من خدمة أدبية وإن كانت صغيرة. وقد أوحى بها تاريخ مصر الحديث والأدب العصري المصري، فإلى مصر أرفعها وإلى أدباء مصر أهديها.
أحمد زكي أبو شادي
الإسكندرية في 7 أبريل سنة 1927
نامعلوم صفحہ
مقدمة الناشرين
من أخص مبادئ (رابطة الأدب الجديد) - التي تتشرف بنشر هذه الدرامة الشعرية - خدمة الثقافة العصرية عن طريق التأليف والنشر أولا، والخطابة والتمثيل ثانيا. ومن حظها أن تتولى نشر هذه الدرامة التي تنزع إلى خدمة فن الأوپرا كما ترمي إلى خدمة الشعر والتأليف الدرامي معا. وفي قيامها بهذا التعاون الأدبي وفاء عملي لمبادئها، وتقدير لهذا الأثر الذي يصح أن يسمى أول أساس جدي للدرامة الشعرية العربية وبالأخص للدرامة المصرية، والباعث بين الأدباء على الاهتمام بهذا النوع من التأليف منذ أعلن الأستاذ الجداوي في سنة 1925م عناية شاعرنا به واعتزامه إنصاف هذا الجيل بالتوفر على خدمة القصص الشعري.
أما وقد وفى الدكتور أبو شادي في نظراته وملاحظاته المنشورة في ختام هذه القصة موضوع البحث في «الأوپرا والأدب المصري»، فحسبنا أن نسجل هنا فاتحة عهد جديد في التأليف الشعري، بعد أن طال زمن المعارضات للمتقدمين من «نهج البردة» إلى «يا ليل الصب»، وبعد أن نكبنا طويلا بالمدائح والتهاني والمراثي والأوصاف المبتذلة ونحوها من ضروب العبث اللفظي واضطراب الفكر والذبذبة السياسية مما شغل «أمراء» شعرائنا «ووزراءهم» حتى في العصر القريب ربع قرن بل أكثر، دع عنك المجهود الضائع في القرون الطويلة السابقة ... ومهما تجاوزنا في تفسير التآليف الأولى التقليدية الركيكة، فيستحيل علينا في أمانة إلا أن نعترف بأنه لم تظهر لنا قبل الآن درامة شعرية عربية مؤلفة بالمعنى الصحيح. فإذا ما حيينا في مؤلف هذه القصة مؤسس الدرامة العربية الشعرية أو باعثها، فإنما نحيي الروح الوثابة الناهضة التي نعتمد عليها في غذاء رابطتنا: رابطة الأدب الجديد الحي، والتي نرجو منها أن تزجي كبار الشعراء المحافظين إلى طريق المجددين سواء اعترفوا بفضل الأخيرين ونشاطهم وحميتهم، وإرشادهم التجديدي أم لم يعترفوا ... ونحن نرحب مقدما بما سيتبع هذه القصة المصرية البديعة من آثار جليلة لمؤلفها النابغة القدير على خدمة الشعر القصصي للأدب وللمسرح، ونهنئه بهذه الزعامة الأدبية والفتح الجديد في سبيل وعر غير مطروق بينما أساتذته السابقون ما يزالون يعبثون بصنوف من اللهو النظمي التقليدي وإن اختلفت أسماؤه، ونرجو أن يكون في هذا المثل العالي من الغيرة الأدبية والقومية خير ما يحتذيه شعراؤنا النابهون.
رابطة الأدب الجديد
موضوع القصة
أحب ضابط مصري (أمين بك) ابنة عمه الحسناء (إحسان)، وكان يتيما من الوالدين قد تربى معها كما تربى أخوه (كمال) منذ الصغر.
ثم دعي إلى الحرب المصرية الحبشية (سنة 1876م)، فأوصى أخاه (كمالا) خيرا بحبيبته التي كانت يتيمة من الأم، كما أوصاه بالزواج منها إذا مات، وأوصاها بذلك أيضا.
وقام أثناء تلك الحرب المشئومة التي نكب فيها الجيش المصري بدور عظيم من الشجاعة أسر فيه ومات من معه من رفاقه ما عدا صديقه الضابط (حسن بك)، الذي أشاع عنه كذبا وخداعا بأنه مات، بينما كان يعرف الحقيقة التي كتمها طمعا في نيل (إحسان) خطيبة (أمين بك)، حيث كان قد عرفها بواسطته باعتباره صديقه الحميم ولم تمنع ذلك التقاليد الأرستقراطية حتى في ذلك العهد.
ثم يفر (حسن بك) على إثر إحدى المعارك الخطيرة هاربا إلى مصر من ويلات الحرب متسترا، فيصل إليها بعد زمن طويل عن طريق السودان ويجد (إحسان) قد تزوجت (كمالا)، فينقم عليه (حسن بك) ويدبر تسميمه تدريجيا ويصاب (كمال) أيضا بالسل من ضعفه، فيعجل المرض موته، ولكن بعد أن يعدي (إحسان) بمرضه ...
ثم يخلص (أمين بك) من أسره في الحبشة بعد خمسة أعوام تقريبا ويعود إلى مصر فيعلم من بعض رفاقه ومن خادمه القديم (الحاج رضوان) بجناية صاحبه (حسن بك) الذي أذاع البلاغ الكاذب عنه مع أنه رأى (أمين بك) يؤسر أمام عينيه، بينما هرب هو ونجا بحياته ممالئا العدو، ويعلم (أمين بك) أيضا أنه قبض على صاحبه هذا الخداع - بعد أن افتضح أمره أخيرا - للتحقيق معه كفار من الجيش ومجرم، ثم يدرك (أمين بك) محبوبته (إحسان) في النزع الأخير، فتصيح صيحة الدهشة والفرح بلقائه وتموت.
نامعلوم صفحہ
الشعر والمسرح
بقلم محمد لطفي جمعه
الأستاذ لطفي جمعه.
تفضل حضرة الدكتور العالم والشاعر الأديب النسيب أحمد زكي أبو شادي وطلب مني مقدمة نقدية لهذه القصة الغنائية التي نغم
1
في وضعها شعرا ووسمها باسم (إحسان)، ولما كنت شهدت زهور
2
نبوغ هذا الشاعر النجيب كما يشهد البستاني جمال الأزهار عند أول تفتحها - وذلك منذ أكثر من عشرين عاما مذ كنت أشارك المرحوم والده في القيام بعبء تحرير جريدة (الظاهر) - فقد وجدت في نفسي سرورا عظيما لتلبية هذا الطلب. وإني أذكر مقدم أحمد زكي من أوروبا بعد أن حاز أعلى الشهادات في فنونه وتخصص في علوم البكتريولوجيا والأبقلطوريا وألقى محاضرة في مدرسة الزراعة العليا بالجيزة منذ بضع سنين، وقد هنأته إذ ذاك بنجاحه الباهر وتمنيت له أن يكون كالنحل في حسن الأثر، فصدقت تلك الأمنية وصح تنبئي، وما زالت نفسه - تلك «النحلة» ذات النشاط والحركة - تخرج شهدا بغير إبر، ذا ألوان شتى وطعم حلو لا يسلوه من يذوقه ويستوعبه: فمن شعر مبتكر المعاني طريف الأسلوب، إلى قصة في شكل قصيدة أبيقية (Epie)
إلى أن شاءت مواهبه الفياضة أن تجود بهذه التحفة الفنية الجديدة وهي أعلى ما يرمي إليه متفنن وشاعر وأديب. وقد قرأت قصة (إحسان) مرارا وتكرارا، وتذوقت أبياتها المنظومة، ووقفت بقوافيها التي كانت تجيب نداء الشاعر في طاعة وخفر كأنها الحور العين تحيط بالمصلي الورع قبيل السحر! وأطربتني موسيقى تلك القصة، فعددتها فتحا جديدا في فنون الأدب العربي المصري، وجوابا يجابه به كل من ادعى أن الشعر العربي كجميع أنواع الشعر السامي قاصر عن القصة والرواية، ولو أن الشعراء المصريين - ولا سيما شوقي وحافظ - أخذوا بأهداب نظم القصص الغنائية منذ بدء نهضتنا الأدبية، إذن لبلغت تلك الصناعة الفنية المكانة التي تستحقها وتشرفنا في نظر الغربيين. فنعم الشاعر الذي يخرج بالشعر العربي من الدروب المطروقة إلى الجادة الرحبة الفسيحة؛ ليظهر أن الشعر واللغة غير قاصرتين عن التحليق في أفق الفنون العليا!
وإني أشبه الشاعر الذي تدركه الشجاعة والنبوغ فيقصد إلى هذه الغاية بذلك الطيار (لندبرج
نامعلوم صفحہ
Lindbergh ) الذي طار بمفرده عابرا بحر الظلمات (الأقيانوس الأطلنطي) دون تردد ولا فزع، فشق طريقا في الأفق لم يسبقه إليها سابق، وكانت قبله من الممكنات ولكنه وحده الذي جرأ عليها، وتغلب على ما كان يكتنف غيره من المصاعب، فإلى الأمام أيها الشاعر كما نقول ... إلى العلا أيها الطيار! ... وما أعظم الشبه بين الشاعر والطيار، فلكليهما أجنحة يحلق بها في الفضاء بعيدا عن غوغاء العالم وجلبته!
لم تظهر الفنون في أوروبا بمظهرها الصحيح قبل ولادة الأوپرا. وقد ولدت الأوپرا الراقية في ألمانيا والنمسا، ثم في إيطاليا وفرنسا وكان تأليف الأوپرا دائما مقترنا بظهور شاعر قادر وموسيقار ماهر، ولم يجمع الموهبتين سوى واحد فقط هو النابغة الفذ ريشارد فجنر (Richard Wagner)
الذي أكرمه مواطنوه وشادوا له في مدينة بيروث
Bayreuth (من أعمال ألمانيا) ملعبا خاصا به، ووقفوه على تمثيل رواياته الغنائية، وجعلوا له في كل عام موسما تحج إليه الشعوب من سائر أنحاء الأرض لتشهد عجائب فنه في الشعر والموسيقى!
وكانت أوروبا كلها تسير خلف هذا المؤلف الشاعر بخطوات منتظمة حتى إن الفيلسوف الألماني الأكبر فردريك ولهلم نيتشيه (Frederich Wilhelm Nietzsche)
كان من أنصاره إلى أن وقع بينهما شقاق أدى إلى فراقهما، وألف نيتشيه في ذلك كتبا، وظهر أنه في أول عهده تأثر بموسيقى فاجنر (Wagner) ، وكان لها فعل قوي في آرائه الفلسفية. أما موسيقى فاجنر فهي موسيقى علمية كأنها معادلات الجبر والرياضيات العليا، بعكس الموسيقى الفرنسية والإيطالية (التي لم يكن وحيها ألمانيا) فأساسها الملوديا (Mélodie)
كما أن أساس الموسيقى الڨاجنرية وتد العودة أو اللازمة الموسيقية (Leite Motive) .
وفي الغالب لا يكون لموضوع القصة الغنائية شأن يذكر بجانب الموسيقى، حتى إن ڨردي (Verdi)
استعان بموضوع قصة غادة الكاميليا وصاغها في الأوپرا لاتراڨياتا (LaTraviata) .
وكثيرة من القصص الغنائية قائمة على قصص خرافية مثل قصة (Lohengrin) - من صنع الخالد الذكر ڨاجنر - التي هي حلقة من سلسلة قصص الجرال المقدس، وهي بحسب ما قرره علماء الفولكلور (Folklore)
نامعلوم صفحہ
عين القصة العربية المعروفة باسم (عويد السدب).
أما رواية (إحسان) التي نسج بردها بشعر نادر المثال النابغ أحمد زكي أبو شادي فمبنية على قصة حقيقية أو على الأقل معقولة وممكنة الوقوع في كلمتين (الحب والحرب)، وهكذا الإنسانية تمر حياتها وتضمحل بين هاتين الكلمتين القويتين: «الحب» الذي تحيا به المخلوقات وتنجذب بسحره نحو بعضها، و«الحرب » التي تفنيها وتقضي عليها ...
غير أن موضوع قصة زكي أبو شادي أميل إلى الدرامة منه إلى الأوپرا المألوفة؛ لأن الأوپرا عادة ليست في حاجة إلى إيراد الوقائع معقدة ثم تحليلها، ولكنها في حاجة إلى وصف عناصر الطبيعة وعواطف الإنسان؛ ليكون امتزاج تينك الحالتين مع الموسيقى أقرب إلى الغاية المرغوبة، فهنا نقطة في فن تأليف الأوپرا نفسه سوف يستكملها ذلك الشاعر المبتكر في المستقبل القريب عندما تنفتح له أبواب تلك الصناعة على مصاريعها.
على أن تنقله في تلك القصة بين موضوعات شتى وتوفيقه بمهارة بين روح كل موضوع وبين الشعر الواجب نظمه للأداء أمر جدير بالإعجاب، وإن كان الشعر في بعض المواقف لم يكسب المرونة المطلوبة للإنشاد الموسيقي، وهذه علة سوف تزول عندما يعاني هذا المؤلف القدير الإشراف على تلحين تلك الرواية وصبها في القالب الموسيقي، وهذا هو المجهود الأخير الذي يظهر قصته في ثوبها القشيب الجدير بها.
بيد أن الحياة المصرية بصفة خاصة والحياة الشرقية الإسلامية بصفة عامة لا تؤهلان الشاعر للتغلغل في تفهم العواطف البشرية على حقيقتها بسبب غياب عامل الحب الصحيح؛ ولهذا كان المؤلفون في أوروبا نفسها يختارون موضوعات تكاد تكون خالية لاتقاء الوقوف في ذلك المأزق، وليس أدل على هذا من رواية (فاوست
Faust ) التي ألفها أعظم شاعر في الدنيا، العظيم ذو العبقرية الكونية المطلقة
Absolute Univereal Genius
ولفجان جوت
Johann Wolfgang Von Goethe ، وهي تلك القصة الفلسفية التي نقلت إلى جميع لغات الدنيا وعجز الشعراء والكتاب في مصر عن نقلها إلى العربية، بل لا أكون مبالغا إذا قلت: إنهم يعجزون عن قراءتها ما عدا واحدا هو خليل مطران. فإن هذه القصة النادرة المثال - التي قضى فيلسوف ألمانيا وشاعرها الفذ وأديبها المفرد أكثر من ستين عاما في تأليفها - على الرغم من كونها تنطوي على موضوع خيالي، فإنها قد تناولت جميع حقائق الحياة؛ ولأن أحمد زكي أبو شادي حاول أن يكون مؤلفا في الشعر القصصي التمثيلي وسائرا على خطوات هؤلاء العظماء فنحن نحييه ونشجعه، ونتمنى له الثبات والصبر في تلك الطريق الوعرة ونستحثه على الاستمرار حتى يبلغ الكمال، ويتسنم ذروة هذا المجد الذي يعادل المجد العلمي في أرقى وأسمى مراتبه.
هوامش
نامعلوم صفحہ
الشعر الحي ونزعة التجديد
واجب التنويه بفضل الشاعر
بقلم حسن صالح الجداوي
ما أحسب أن بين الأدباء من هو أشد اغتباطا مني بظهور هذه الدرامة الشعرية التلحينية (أو الأوپرا الشجية) لا لما هو معروف عن تقديري الكبير لشعر أبي شادي فقط؛ بل كذلك لأنها جاءت مؤيدة لإيماني بعزيمة الشاعر وحبه لفنه ومواصلته الجهد لتحقيق ما يعتزم إظهاره من عمل أدبي مهما عظمت الصعاب في طريقه. وما أشك في أن هذه الأوپرا الطريفة المؤثرة ستعد حلقة أولى في سلسلة طويلة متينة من المؤلفات الفنية الشائقة؛ لأن مثل شاعرنا الفنان المطبوع إذا قال فعل، وإذا اعتزم نفذ عزمه، وإذا وهب وقت راحته للأدب كما يهب وقت عمله للعلم فهو لا بد خادم العلم والأدب. ومما يزيد اغتباطي أن تظهر القصة في هذا المظهر الأدبي الجليل محاطة بمجموعة نقدية في الأدب المسرحي سواء للمؤلف أو لمريديه مما يجعل هذا الكتاب - أسوة بمؤلفات أبي شادي الأخرى - تحفة أدبية رائقة ومتعة لكل أديب حر الفكر مقدر لروح الإنشاء والتجديد. وإني العليم بسمو خيال الشاعر وتفننه أفهم جد الفهم أسباب اختياره في ظروفنا القومية الحاضرة لدرامة شعرية أساسا للأوپرا الأولى التي أهداها إلى وطنه وأقره على هذا الاختيار.
الأستاذ الجداوي.
وقد تحدث غيري عن قصة (إحسان)، وشرح الشاعر وجهات نظره في تأليفها، فحسبي إذن أن أقول في تقديرها: إنها تأليف جريء في الأدب العربي؛ لأنها مثال لأرقى الدرامات الشعرية التلحينية التي يشع منها التفكير والعاطفة كما يشع الروح الفني، وقد أراد منها الشاعر أداء حقوق شتى للشعر العصري، ولفن الأوپرا، وللوطنية المصرية، فضلا عن أساس القصة الخلقي النفساني، وكل ذلك في نيف ومائتين من الأبيات المتنوعة، وفي ثلاثة فصول وأربعة مشاهد. وهذه مقدرة لا يعرف قيمتها حقا إلا من عالج التأليف، وكثرت مشاهداته في المسارح الغربية، واتسع اطلاعه ووقوفه على آراء كبار النقاد للأدب عامة وللمسرح خاصة.
بيد أني وإن زففت إلى صديقي الشاعر تهنئة الإكبار والتشجيع فما يداخلني الشك في أنه أبعد الناس عن الغرور والحاجة إلى التهليل والتهاني، فإني أعلم علم اليقين أنه يبذل جهده الصادق وإخلاصه الوافي لعمله، ولكنه متى فرغ منه دب إلى نفسه القلق والطموح إلى ما هو أصلح وأسمى، وما يزال هذا أقوى حافز فني له على بلوغ الإتقان المستطاع. والقارئ الأديب لا يجهل كم من أدباء، أكابر وأصاغر، تسرب إليهم الغرور والتحاسد والأنانية، وقد لا يدفع بعضهم إلى العمل سوى حسده فيهدم بحسده أضعاف ما يبني بجهده، ولكن شاعرنا لا يدفعه إلى الأمام سوى ولوعه بفنه وإخلاصه وعدم رضائه عن جهده، وما اعتداده بنفسه في موقف الدفاع عنها إلا مظهر الغيرة على الأدب والشمم والكرامة النفسية، لا أكثر ولا أقل.
بمثل هذه المبادئ والعواطف يبني لنا الأستاذ أبو شادي صروحا من الشعر الحي، وبمثل خلقه الكريم وحرصه على الإنشاء والتجديد ومسايرة الزمن - بل مسابقته أحيانا - يكون للجيل الناشئ ثروة أدبية فكرية قمينة بالبقاء والإعزاز. ففرض على الأديب المتصفح لهذا الكتاب الحي أن يهب الشاعر عواطف الحب والتكريم، وأن يشترك في التنويه بفضله حتى يؤازر حركة التجديد الرشيدة التي يدفعها شاعرنا إلى الأمام بكل قواه، وما إكرام مثله إلا في إكرام عمله. •••
وإذا كان في مقدمة بواعث التقدير أثر الشاعر في الفن وفي بيئته، فمن الحق أن نسجل أهم ما نعرفه من فضله - ولا أقول كل ما نعرفه - ذلك الفضل الذي بث الأمل في نفوس كثيرة بين الأدباء والمتأدبين، ورفع مستواها الفكري، وجعلها تلمس الرجاء بعد أن كانت تتخيله، أو بعد أن كانت تصطدم باليأس مرارا: (1)
كان الأستاذ أبو شادي أجرأ شعرائنا على احترام الفكر والعاطفة الحرة الكريمة في أي مظهر شريف، ومن ثم داس بجراءة على الأساليب التقليدية في التعبير، وابتدع من وحي عصره وبيئته في أسلس لغة أساليب جديدة سخط عليها المحافظون، ولكن قدرها كل من يحترم الفكر الحر السليم والنظر البعيد الدقيق إلى الحياة وأسرارها ووحيها وبيانها البليغ. (2)
نامعلوم صفحہ
أعلن تقديره «للإخلاص الفني » وإن خالف في التفصيل مشربه أحيانا، فما احتقر أناتول فرانس لمذهبه الإباحي، ولكنه احتقر المخادع المذبذب الذي يتشدق بفلسفة الأخلاق وإصلاح المجتمع، وهو مثال الانحطاط الخلقي وأسوأ قدوة. وكانت الفكرة الشائعة بين المجددين بل وبين المحافظين أيضا التسامح مع رجال الأدب والفنون في شذوذهم، فصحح ذلك بمذهبه وهو أن الفنان الكامل الجدير بالاحترام وبالاتباع لا بد أن يكون فيلسوف النزعة، ذا شخصية جليلة وإرشاد سام صادق عن مبادئ وعواطف ممتازة، وإلا فلا معنى ولا قيمة لذبذبته وشعوذته، إذ غاية الفن أن يخدم الحقيقة وأن يسعد الإنسانية، لا أن يكون عبثا وبهرجا كاذبا، ولا أن يغدو مفسدة لها ووبالا عليها. (3)
ثار على مقاييس الحكم التقليدي العتيق المبنية على المعارضات والمناظرات، ولم يعترف إلا بالرأي النزيه والشعور الصادق والفكر المستقل والأثر الباني المجدد القرين للابتداع المغذي للمشاعر الإنسانية المهيب بها إلى الأمام وإلى العلاء وإلى الحرية. (4)
بث روح العلم والحقيقة الفنية الجميلة في الشعر بعد أن كانت روح الأوهام والأكاذيب الضالة والمبالغات السقيمة هي الغالبة، حتى عد العلم والأدب زمنا طويلا خصمين مع أن الأدب الحي لا مفر له من أن يستمد قوته من العلم ومن الفكرة العالمية ومن تفهم الحقيقة الفنية، وهو الآن حامل لواء هذا المذهب في الشعر العربي. (5)
بث روح القومية المصرية في شعره بإخلاص هو التفاني في حب مصر، حتى عد بجدارة شاعر الشباب الأول بل شاعر النهضة الفكرية الوطنية، وهذا واضح التجلي في شعره الوطني المشتعل حماسة وقوة وإخلاصا وهداية منذ نيف وعشرين عاما، بينما كان كثيرون غيره من الشعراء يعتبرون الشعر الوطني مديح تركيا أو الجامعة الإسلامية أو نحو ذلك من الروابط الثانوية. (6)
أبى أن يحكم على العربية بالعقم وعلى الشعر العربي بالجمود الدائم، فأخذ بيد الشعر القصصي والشعر التمثيلي مفسحا المجال للأوصاف المتنوعة للعواطف والمواقف والمرامي والنظرات، كما تفنن في أساليبه النظمية مجاراة للأدب الأوروبي الراقي. (7)
نشر نزعة التعاون الأدبي وحب الشعر للشعر، بعد أن طال زمن الحرب والهدم بين الأدباء وعهد «الإمارة» الشعرية والاستئثار بالظهور حتى يصح لنا بصدق أن نقر بأن له أثرا غير قليل في تكوين هذه السجية الشريفة بين أدبائنا الناشئين على الأخص؛ أولئك الذين يطالعون كتبه بشغف وعناية وإكرام. (8)
جدد في الشعر العربي روح الافتتان بالطبيعة عن مؤمن بها، فذكرنا بأيام (البحتري) و(ابن حمديس) و(ابن خفاجة) وأضرابهم، بعد أن كاد ينعدم هذا الفن من فنون الشعر لانصراف الناس إلى الماديات والسياسيات وتفشي التقليد والجمود. وحسبنا قصائده «صور وأنغام» و«بسمة الطبيعة» و«فتاة الريف» وأمثالها. (9)
أظهر لنا أمثلة من الفلسفة الشعرية الحقة التي يوحيها تفكيره الهادئ العميق، كما نرى في قصيدته «أقصى الظنون» وغيرها من المنظومات الآخذة باللب في ديوان (الشفق الباكي) وسواه من مؤلفاته الشعرية. (10)
رفع أحلامنا - بما عالجه من موضوعات نفسية وذهنية، وبما بثه من آراء وعواطف ومبادئ، وبما نشره من تفاؤل جميل، وبما تغنى به من حب ومواساة - إلى مثل عليا قلما تزجينا إلى بعضها معظم أشعار معاصريه.
ومن كانت هذه منزلته في نفسي وعند الشباب الناهض المتعلم الحر، فحسبه من هذا التقدير الوجيز تجديدا لعهد الولاء، ومن الدعوة إلى احتذاء خطواته وإكبار فنه إكبارا شخصيا له.
نامعلوم صفحہ
تحية الشعر
إلى مؤلف (إحسان)
بقلم أحمد محرم
يا مولعا بالفن يستفني النهى
عن كنزه المدفون: أين مكانه؟
الفن أنت! ... فإن أبيت فقد مضى
بين الأئمة حكمه وبيانه!
نقبت في دول البيان فلم يطب
لك ملك قيصره ولا سلطانه!
أفما تزال تهز راية محرب
نامعلوم صفحہ
عجل الإغارة ما يرد عنانه؟!
لك في الصحائف كل يوم جحفل
تغزو جبابرة النهى فرسانه!
لولا دفاع أولي الحفاظ لزلزلت
سرر البيان وروعت تيجانه!
اعكف على أدب لصحبك ناضر
شاب الزمان وما انقضى ريعانه!
وخذ السبيل إلى الخلود وكن فتى
يطوي الزمان إذا طواه زمانه!
لا تخش في الأدب الرفيع ظلامه
نامعلوم صفحہ
يوم الحساب ففي يدي ميزانه!
إن (الرواية) ذكر قومك هجته
ملء الزمان فهاجني رنانه
سر أذعت به الحياة لأمة
حيرى الظنون يضرها كتمانه
قل: يا (أبا الصداح )! ... روضك ضاحك
وهواك تسنح عطفا غزلانه
لا يصدفن بك الوشاة عن الحمى
لك في الحمى حق علي ضمانه!
انشر علينا الشعر! ... من يؤمن به
نامعلوم صفحہ
يعصمه من فتن الهوى إيمانه
الشعر إن نبض الزمان فقلبه
وإذا تكلم ناطقا فلسانه
من لم يذق دنيا الشعوب فما صفا
منه الشعور ولا وفى وجدانه!
الأستاذ أحمد محرم.
إحسان
أشخاص القصة
أمين بك:
ضابط ممتاز بالجيش المصري.
نامعلوم صفحہ
إحسان:
ابنة عم أمين بك وخطيبته.
كمال:
أخو أمين بك.
حسن بك:
ضابط بالجيش المصري والصديق المخادع لأمين بك.
عمر بك:
والد إحسان.
الحاج رضوان:
الخادم الوفي القديم لأمين بك.
نامعلوم صفحہ
مربية إحسان.
الأمير حسن باشا:
القائد الأعلى للجيش المصري المحارب (أشير إليه ولم يظهر في التمثيل).
راتب باشا:
قائد الجيش.
الحاكم الحبشي:
الأمير ولد نيكاييل صديق المصريين.
ضابط - حراس - جند - الجاريتان الراقصتان - الشحاذ وابنته.
نسق التمثيل
الفصل الأول
نامعلوم صفحہ
يمثل الفصل الأول في مطلعه جلسة غرامية لطيفة ما بين (أمين بك) وخطيبته (إحسان) في قاعة الاستقبال بقصر عمه، حيث يتطارحان أحاديث الحب والوفاء، ويذكر أمين بك تخوفه من الفراق المحتمل، وكان الوقت زمن الحرب بين مصر والحبشة وكان مشاعا قرب إرسال نجدات مصرية تلبية لطلب الجيش المحارب، وبينما (إحسان) تنشد على عزف البيانة أنشودة غرامية أطربت (أمين بك) إذا بهما يسمعان قرعا على الباب فتظن (إحسان) أن الطارق والدها، ولكنه كان رسولا من الضابط (حسن بك) صديق خطيبها حاملا رسالة مقلقة إليه، فيتردد أمين بك في قراءتها ولكنها تلح عليه وتعاتبه على إخفاء ما بها عنها أو تردده في إطلاعها على ما فيها، وأخيرا يتلوها عليها فإذا بها إفادة من صديقه بأنه مدعو إلى الانتظام في سلك المحاربين، وأنه قد صدر أمر مليك البلاد بذلك، ثم تشجيع منه له بل حث عظيم، فينال التأثر والجزع من (إحسان). ولكن (أمين بك) يحاول أن يخفف من شعورها هذا، فتسترجع ثباتها ووطنيتها مما يشجع (أمين بك) أيضا. وفي هذه اللحظة يحضر والدها (عمر بك) ومعه (كمال) شقيق (أمين بك)، وكلاهما في لهفة لما ذاع في القاهرة عن أخبار النجدات المطلوبة، فضلا عن صدور النشرة الرسمية وفيها استدعاء أمين بك وطائفة كبيرة من الضباط والجند إلى ميدان القتال. ولكن (أمين بك) يتغلب على هذا الجزع بعواطفه الوطنية الشريفة، ويوصي أخاه (كمالا) خيرا بخطيبته، كما يوصيها خيرا به، بل يشير في لطف إلى زواجهما من بعضهما في حالة موته. وتنزل الستار العامة في موقف التشجيع والتوديع.
الفصل الثاني
يمثل الفصل الثاني معسكر الجيش المصري في (قرع) بالحبشة بعد أن ظفر الجيش بالنجدات المطلوبة، وقد اجتمعت طائفة من الضباط عند خيمة القائد سعادة (راتب باشا)، وبينما هم في نشيدهم الحماسي الوطني إذ يقبل القائد فيحييهم تحية طيبة ويخطب فيهم خطبة شريفة ذاكرا أنه ليس قصد (مصر) اغتيال حقوق الحبشة، وإنما الدفاع عن كرامتها وحقها فقط، فإنها لن تصبر على الإساءة والضيم، فيرد عليه (أمين بك) بصفته رئيس الضباط ردا جميلا معززا هذه الروح الأبية الكريمة. ثم ينصرف الضباط مؤقتا ويبقى (أمين بك) مع القائد حيث يستقبلان أحد حكام الأحباش الموالين، وهو حاكم الحماسين الأمير (ولد نيكاييل) الذي يكرر تعهداته بالولاء والإخاء، كما ذكرها قبلا أمام (الأمير حسن) القائد الأعلى للجيش المصري المحارب. ويعرض على (راتب باشا) - هدية منه - جاريتين شركسيتين، دليلا على الصداقة والإخلاص، محتفظا بهما وديعة لديه حتى نهاية الحرب، فتعرضان على راتب باشا وترقصان، فيشكره ويتبادلان عبارات المودة، ويؤكد الأمير (ولد نيكاييل) أنه يؤمن بضرورة إخاء شعوب (النيل) المبارك؛ لأنهم مهما افترقوا أهل وأبناء جنس صغيرهم والكبير، و(النيل) أب لهم جدير بالتفافهم حوله، وهذه الوحدة خليقة بعنايتهم بل بتقديسهم كأنها دين قومي بل رمز حياتهم ورجائهم. ثم يستأذن الحاكم الحبشي في مقابلة الأمير (حسن) القائد الأعلى للجيش المصري، وبعد انصرافه يعود القائد إلى مخاطبة (أمين بك) بحضور بعض الضباط الكشافين، فيلفت نظره بصفته رئيس الضباط الكشافين إلى مسئوليته الجسيمة في الاستكشاف؛ لأن الجيش المصري في حاجة إلى تعرف مواقع العدو وحركاته، فإذا نجح في هذه المهمة فإن ذلك سيؤدي حتما إلى تدمير العدو، وإن فشل فستكون العقبى مصاب الجيش المصري. وهنا يرى الضابط (حسن بك) - وهو الصديق المخادع (لأمين بك) - الفرصة سانحة للاجتهاد في جعل مهمة الاستكشاف المستعجل قاصرة على (أمين بك) وعليه، ولكن (راتب باشا) يرفض هذه الفكرة ويعتبرها مجازفة، بينما (حسن بك) يهنئ نفسه بأن الفرصة على كل حال سانحة للتخلص من (أمين بك)، ثم الهرب بعد ذلك إلى مصر إثر إعلان وفاة (أمين بك)، وهناك يبذل الجهد للتزوج من (إحسان) ... ويكرر القائد العام التأميل في (أمين بك) وإخوانه الضباط وفي عاقبة مهمتهم، فيشكره (أمين بك) شكرا جزيلا ويردد صدى أمانيه بأسلوبه الحماسي المؤثر، وما يكاد يختم شكره حتى يفاجئوا بصوت إطلاق القنابل من الاستحكامات المصرية، ويدخل أحد الضباط مسرعا معلنا: «مولاي! قد هجم العدو!» فيهمون بالخروج وتسدل الستار العامة فورا.
الفصل الثالث
يدافع الجيش المصري عن كيانه وكرامته دفاع الأبطال ويذيق الأحباش أنواع البلاء، ويعلق أهمية كبرى على بعثة (أمين بك) الاستكشافية قاصدا من ورائها إلى معركة حاسمة، ولكن ممالأة (حسن بك) للعدو - وهي التي أدت إلى فناء البعثة وأسر (أمين بك) وكاد يقتل أيضا - سببت هزيمة الجيش المصري؛ لأن (حسن بك) عاد إلى المعسكر المصري بأخبار ملفقة كاذبة، وأشاع فيما أذاع وفاة (أمين بك) كما أنه انتهز أول فرصة فهرب إلى مصر عن طريق السودان. وهذا الجزء من الحوادث الأليمة التاريخية لا يمثل على المسرح لسببين: أولهما نفساني، والثاني الرغبة في حصر مشاهد هذه الأوپرا في دائرة معينة غير متسعة. وعلى ذلك يبدأ الفصل الثالث بمنظره الأول في غرفة حقيرة هي مسكن (الحاج رضوان) خادم (أمين بك) القديم بعد أن انتهت الحرب، وعاد الأخير من أسره غائبا عن وطنه خمس سنوات، وقد علم بأن صاحبه المخادع (حسن بك) لم يكتف بإشاعة موته، مما أدى إلى بقائه في الأسر والهوان هذا الزمن الطويل، بل أيضا حقد على أخيه (كمال) الذي تزوج من (إحسان) عملا بوصيته، فسممه تدريجيا وأصيب (كمال) بالسل أيضا، فنقل العدوى إلى (إحسان) ومات تاركها على فراش المرض الأليم.
نرى في أول هذا الفصل (أمين بك) جالسا حزينا مفكرا يندب حظه بينما (الحاج رضوان) يؤاسيه ويعزيه ويدعوه إلى الاهتمام (بإحسان)؛ لأنها كل ما بقي له من ذكرى شبابه ومن ذكرى أخيه أيضا، وإن للحي حقا عليه قبل الميت، ويخبره مؤاسيا أن الجاني قد افتضح أمره وأصبح رهن العقاب، وأخيرا يثوب إلى (أمين بك) رشده ويذهب إلى قصر عمه حيث المشهد الأخير من الرواية، وهو مشبع بصنوف من العواطف الإنسانية من يأس إلى صبر إلى مواساة إلى تحايل الطبيب إلى عذاب الفراق وآلام المرض، فيجد (أمين بك) أن (إحسان) في حالة الاحتضار ومعها والدها والطبيب وبجانبها مربيتها، وهي في حالة إغماء ووالدها في أشد حالات الجزع، فيحال بينه وبين رؤيتها خشية أن تعود إلى اليقظة، وهي تعلم أنه مات منذ خمس سنوات، ولكنه يهيب بهم طالبا توديعها، وتسمع هي صوته فتتملكها الدهشة ثم الفرح برؤيته، فتموت لافظة اسمه المحبوب، ويجاوبها باسمها ويبللها بدموع الحزن، والوفاء راكعا مقبلا باكيا ...
الفصل الأول
(أمين بك وإحسان في بهو الاستقبال بقصر عمه وأثاث البهو شرقي فخم يدل على سعة وبذخ، وعلى أن أصحابه أهل ذوق وتهذيب من طبقة السراة.)
أمين بك (جالسا في زي ضابط بالجيش على ديوان أو صفة بجانب إحسان جلوس الحبيبين) :
والآن يا (إحسان) هل يرضي الهوى
نامعلوم صفحہ
عهدي؟! وهل يكفي سناك غرامي؟!
حسن كحسنك لن يكون، وهكذا
حب كحبي لن يكون لظامي!
الشمس كم عبدت عبادة صلة
أما سناك فطوعه لوامي!
عبدوك مثل عبادتي لكنهم
لم يبلغوا وجدي وفرط هيامي
لا تحرميني من حنانك يا منى
روحي، ويا لبي، ويا إلهامي!
إحسان :
نامعلوم صفحہ
رفقا حبيبي ... إنني لك دائما
وكذاك أنت على الدوام أمامي!
روحي فداؤك يا (أمين) فإن مضت
فلسوف تخلصك الوفاء عظامي!
أنا من عرفت من الطفولة فالصبا
ماذا تفيد صراحتي وكلامي؟!
سائل فؤادك يا رفيق صبابتي
ينبيك عن شغفي وعن أحلامي!
أمين بك :
أنا ما شككت، وهل أشك بربتي
نامعلوم صفحہ
وبمرتقى أملي ونور ظلامي؟!
لكنني أخشى الزمان وغدره
وتقلب الأحداث والأيام
وأروم منذ اليوم بث ضراعتي
لسناك، فهو مثابتي وقوامي
بددت أشجاني بحبك مثلما
ضمدت من جرح الفؤاد الدامي!
إحسان :
دع يا (أمين) مخاوفا لك طالما
رددتها فأهجت نار فؤادي
نامعلوم صفحہ