به أهل السنة فلم ير واحد من العلماء من أهل السنة والجماعة طعنا في عمر وما ذكره من المطاعن فقد عرفت جواب كل واحد على وجه يرتضيه كل عاقل مؤمن وينقاد له كل منافق لظهور حجته وصحة بينته والحمد لله على ذلك ثم بعد هذا يشرع في مطاعن عثمان بن عفان ونحن قبل المطاعن على ما وعدنا نذكر شمة من مناقبه وفضايله فنقول أمير المؤمنين (ع) عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف يتصل نسبه برسول الله (ص) في عبد مناف وكان في الجاهلية من إشراف قريش وصناديدها صاحب الأموال الجمة والعشار الوافرة أسلم في أوايل البعثة وهو من أهل السابقة في الإسلام وقدماء المهاجرين وزوجه رسول الله (ص) بنته رقية وهاجر إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة وبذل أمواله في سبيل الله تعالى فهو صاحب الهجرتين ومصلي القبلتين وزوج النورين ثم لما توفي زوجه أم كلثوم بنت رسول الله (ص) واتفق جميع أهل الأعصار أن هذه فضيلة لم يحصل لأحد من أولاد آدم أن يجتمع عنده بنتي نبي سيما بنتي سيد الأنبياء (ص) ثم لما هاجر رسول الله (ص) هاجر عثمان من الحبشة إلى المدينة وبذل أمواله في سبيل الله روى في الصحاح عن طلحة بن عبيد الله أنه قال النبي (ص) لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان وعبد الرحمن بن جناب قال شهدت النبي (ص) وهو يحث على جيش العسرة فقام عثمان فقال يا رسول الله (ص) علي مائة بعير بأجلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم خص فقال عثمان فقال علي مائتا بعير بأجلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم خص فقام عثمان فقال علي ثلاثمائة بعير بأجلاسها وأقتابها في سبيل الله فأنا رأيت رسول الله (ص) ينزل عن المنبر و هو يقول ما على عثمان ما عمل بعد هذه وعن عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان إلى النبي (ص) بألف دينار في كمه جين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره فرأيت النبي (ص) يقلبها في حجره ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين وعن أنس قال لما أمرنا رسول الله (ص) ببيعة الرضوان كان عثمان رسول رسول الله (ص) إلى مكة فبايع الناس فقال رسول الله (ص) إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب بإحدى يديه على الأخرى وكانت يد رسول الله (ص) خيرا من أيديهم أنفسهم والأخبار في فضايله كثيرة قد ذكرنا يسيرا منها ثم نشرع في دفع المطاعن التي رواه هذا الرافضي الضال عن شيوخه الضالين على رأينا انتهى وأقول ما ذكره الناصب من الأحاديث في معرض الجواب عن الطعن الأول من مطاعن إمامه يتوجه عليه أن تلك الأحاديث مع ما مر من أنها لا تقوم حجة على الخصم لا دلالة لها على مدعاه أما ما روى عن زيد بن ثابت فلأن قوله أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة مؤيد لما ذكره المصنف قدس سره من أن الجماعة إنما يجوز في صلاة الفريضة لأنه يدل دلالة صريحة على أنه (ص) كان قبل ذلك يصلي تلك النافلة في المسجد ما بين جماعة من الناس ثم اختار الخلوة في فعلها بأدائها في بيته لبعده عن الرياء لا لأنه كان يصلي جماعة فأراد الانفراد فإن الانفراد بالصلاة لا يستدعي أداء في البيوت دون المسجد وبمحضر الناس كما عرفت وكذا الحال فيما روى عن أبي هريرة فإنه لا دلالة لها إلا على قيام نوافل رمضان وأما على الاجتماع فيها فلا بل قوله ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر صريح في أن أمر نافلة رمضان كان على أدائها منفردا في خلافة أبي بكر وصدر خلافة عمر وإنما فعلت جماعة في أثناء خلافة عمر وبأمره لظهور أنه لو كان مراده أن تلك النافلة كان يفعل جماعة دائما لما كان للتخصيص بصدر خلافة عمر معنى بل الواقع إنه لم يكن يفعل إلى صدر خلافة عمر جماعة فأمر بعد ذلك بفعلها جماعة ولهذا عد من جملة بدعه وكذا الكلام في حديث أبي ذر فإن أقوى ما يتوهم منه دلالته على فعل النافلة جماعة قوله قام بنا وقوله إذا صلى الرجل مع الإمام أداء النافلة جماعة يحتسب عن الله ويثاب بها أجابه (ص) بأن الرجل إذا صلى الصلاة اليومية مع الإمام حسب له قيام ليلة أيضا وإن لم يفعله معه وقد علم بما ذكرنا أن قوله وهذا يدل على أنه (ص) كان يصلي التراويح بالجماعة أحيانا إلى آخره؟؟؟ بل يدل على أنه (ص) كان يصلي التراويح بالجماعة أحيانا كان يصلي ذلك على وجه الاجتماع في المسجد دون الجماعة ولم يداوم على الاجتماع اللازم من الصلاة في المسجد غالبا بل كان يصلي غالبا في بيته لئلا يشتبه على الناس فعلها مجتمعة بفعلها جماعة ثم الناصب مطالب ببيان ما ادعاه من أنه (ص) يداوم عليها مخافة أن يفرض على المسلمين فإن كون عدم المداومة لأجل ذلك دون غيره يحتاج إلى دليل وأما قوله فلما انتفى هذه المخافة جمعهم عمر وصلى التراويح فمدخول بأنه لو كفى انتفاء مخافة افتراض صلاة نافلة صلوها جماعة أحيانا في الاتيان بها جماعة لجاز في كل صلاة نافلة لانتفاء الخوف عن الكل بعد وفاة سيد الرسل (ص) فقد قصر عمر في اكتفائه بما قد أمر وأما بقسيمه البدعة إلى ما هو ضلالة وغيرها وتخصيص الكلية المروية عن النبي (ص) بالقسم الأول فعلى تقدير تسليمه لا يجدي له ولا لعمر نفعا لظهور أن الجماعة في نافلة رمضان أو غيرها من النوافل مخالفة للأصل الشرعي وهو اختصاص الجماعة بالصلاة المكتوبة ولهذا ترى أن أحدا من أهل الإسلام لم يصل شيئا من النوافل جماعة سوى أهل السنة الذين يصلون خصوص هذه النافلة جماعة متابعة لعمر وأيضا ما رواه المرتضى عن النبي (ص) نص في النهي عن ذلك وكونها من البدعة المنهي عنها وأما قوله فاندفع اعتراض المرتضى عن قاضي القضاة فلا أدري أنه متفرع على أي مقدمة من مقدماته الواهية وكيف يندفع اعتراض المرتضى عن قاضي القضاة بمجرد ما أتى به الناصب من تقسيم البدعة إلى قسمين أو باحتمال أن النبي (ص) فعل ذلك جماعة أحيانا مع أن المرتضى قدس سره قد استدل على النهي عن ذلك بقول النبي (ص) فلا تجمعوا شهر رمضان من النافلة ثم تعقيبه إياه بأنه بدعة وكل بدعة ضلالة فلا محيص إلا بتسليم ورود الطعن أو بارتكاب منع صحة ما نقله المرتضى قدس سره من الحديث الثابت عند الفريقين وأما ما ذكره في توجيه منع أمير المؤمنين (ع) فلا يخفى وهنه على المؤمنين ومن نفايس أجوبة القوم ما ذكره شمس الدين الكرماني في شرحه للبخاري حيث قال وقيام رمضان سنة غير بدعة لقوله (ص) اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر انتهى وأقول لو صح هذا الحديث وكان شاملا لبدعهم أيضا لوجب الاقتداء بهم علينا إذ خالفوا جميع الأحكام المحكمة من كتاب الله وسنة نبيه (ص) وبطلانه ظاهر وأيضا قد ظهر اختلاف كثير بين أبي بكر وعمر فيلزم أن يكون الناس مأمورين بالعمل بالمختلفين وذلك لا يليق من الشارع (ص) الأمر به وأيضا لو صح هذا الحديث لكان نصا على إمامتهما ولما وقعت المنازعة بين الصحابة في تعيين الإمام بعد النبي (ص) وقد وقعت كما عرفت ولما احتاج أبو بكر في مدافعة الأنصار إلى الاحتجاج عليهم بكونه من عشيرة رسول الله (ص)
صفحہ 248