أحد في إزالته وارتكاب أقل القبيحين عند الضرورة جايز كما تقرر في موضعه ويدل على كذبهم وافترائهم في هذا اختلافهم في تعيين حكم علي (ع) في هذه المسألة فإن الشارح الجديد للتجريد قال رجع علي (ع) في بيع أمهات الأولاد إلى قول عمر انتهى هذا مع أن مذهب أمير المؤمنين علي (ع) على الوجه الذي نقله علماء الإمامية ليس شيئا من القولين بل فيه تفضيل مذكور في كتبهم وهذا أيضا يدل على بطلان تلك الرواية فإنهم أبصر بمذهب إمامهم (ع) وأما ما أجاب به الناصب عن قول المصنف إن عمر كان يحكم من جهة الرأي والحدس والظن بأن ذلك من شأن المجتهد والفقه من باب الظنون فمدخول بأن مراد المصنف من الرأي الذي كان يستعمله عمر مجرد استحسان عقله وقياسه وبهذا يعلم أن المراد بالظن الذي ذكره مع الرأي والحدس هو الظن الحاصل منهما فإن هذا الظن لا يغني من الحق شيئا إلا الظن المعتبر في العمل شرعا وهو ما قام الدليل القطعي على اعتباره وما ذكره من أن الفقه من باب الظنون ينافي ظاهر ما سيذكره في بحث القياس من أن المجتهد لا يعلم بالظن لأن العمل بالمظنون واجب والظن في الطرايق كما حقق في موضعه فتأمل قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه قال متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما وهذا يقدح في عدالته حيث حرم ما أحله الله تعالى وكيف يسوغ له أن يشرع في الأحكام وينسخها ويجعل اتباعه أولى من اتباع الرسول الذي لا ينطق عن الهوى فإن حكم هاتين المتعتين إن كان من عند الرسول لا من قبل الله تعالى لزم تجويز كون كل الأحكام كذلك نعوذ بالله وإن كان من عند الله فكيف يحكم عمر بخلافه وأجاب قاضي القضاة بأنه قال ذلك كراهة للمتعة وأيضا يجوز أن يكون ذلك برواية عن النبي (ص) واعترضه المرتضى (رض) بأنه أضاف النهي إلى نفسه وقال كانتا على عهد رسول الله (ص) وهو يدل بمفهومه على أنه كان في جميع زمانه حتى مات عليهما ولو كان النهي من الرسول كان أبلغ في الانتهاء فلم لم يقل ذلك على سبيل الرواية وقد روى عن ابنه عبد الله إباحتها فقيل إن أباك كان يحرمها فقال إنما ذلك عن رأي رآه وقد روى السنة في الجمع بين الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال تمتعنا مع رسول الله (ص) فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما يشاء بما يشاء وإن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله ودعوا نكاح هذه النساء فلئن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة وهذا نص في مخالفة كتاب الله والشريعة المحمدية لأنا لو فرضنا تحريمها لكان فاعلها على شبهة والنبي (ص) قد قال ادرؤوا الحدود بالشبهات فهذه رواياتهم الصحيحة عندهم تدل على ما دلت عليه فلينظر العاقل ويخاف الجاهل وفي الصحيحين عن جابر من طريق آخر كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق أياما على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر حتى نهى عمر لأجل عمرو بن الحريث لما استمتع وفي الجمع بين الصحيحين من عدة طرق إباحتها أيام رسول الله (ص) وأبي بكر وبعض أيام عمر وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن عمر أن بن الحصين قال نزلت متعة النساء في كتاب الله تعالى وعلمناها وفعلناها مع النبي (ص) ولم ينزل القرآن بحرمته ولم ينه عنها حتى مات وفي صحيح الترمذي قال سئل ابن عمر عن متعة النساء فقل هي حلال وكان السايل من أهل الشام فقال إن أباك قد نهى عنها فقال ابن عمر إن كان أبي قد نهى عنها وضعها رسول الله (ص) تترك السنة وتتبع قول أبي قال محمد بن حبيب البختري كان ستة من الصحابة وستة من المتابعين يفتون بإباحة المتعة للنساء وقد روي الحميدي ومسلم في صحيحيهما والبخاري أيضا من عدة طرق جواز متعة النساء وإن عمر هو الذي أبطلها بعد أن فعلها جميع المسلمين بأمر النبي (ص) إلى حين وفاته وأيام أبي بكر انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قال الشافعي ما عملت شيئا حرم مرتين وأبيح مرتين إلا متعة النساء هذه كلامه والسر في ذلك أن العرب كانوا لا يصبرون على ترك النكاح إذا طال العهد وكانوا يرخصون في المتعة في الغزوات لطول العهد من الأزواج ثم تقرر الأمر إلى الحرمة ولا خلاف في هذا بين أكثر العلماء وأيضا نص الكتاب يقتضي حرمة المتعة لأنه تعالى يقول والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانكم فإنهم غير ملومين وأما إنها ليست بزوجة لأنها ليست وارثة ولا مورثة للمتمتع بها وقد قال تعالى ولكم نصف ما ترك أزواجكم ولهن نصف ما تركتم وأما ما ذكر من الأحاديث فهي مروية عن جماعة لم يعلموا أن الأمر تقرر على الحرمة في الآخر الأمر ونحن نقول لو كان الأمر على ما يذكره الشيعة وأن تحريم المتعة كان من قبل عمر فلم لم يحلله أمير المؤمنين في أيام خلافته وهو كان الإمام المتبوع ولم يعترض علماء الصحابة على عمر والشافعي كان أعلم الناس بالناسخ والمنسوخ لأنه كان قرشيا حجازيا عالما بجميع الناسخ والمنسوخ ولو كان كذلك لم يختر كرمته وكذلك مالك كان عالم المدينة ولو كان من قبل عمر وكان مالك تلميذ ابن عمر وكان ابن عمر يقول الحلية فلم لم يختره وكذا أبو حنيفة هو تلميذ عبد الله بن مسعود لو كان النهي من عمر لم لم يختر الحلية وإجماع أكثر علماء الإسلام على الحرمة يدل على أن الأمر تقرر على الحرمة وأما ما ذكر أن عمر قال أنا أنهي عنهما فالمراد أنا أخبركم بالنهي وأوافق رسول الله (ص) وأما قوله كانتا على عهد رسول الله (ص) لا يلزم أن يكون دائما والمفهوم لا يخالف هذا كما ادعاه المرتضى انتهى وأقول يتوجه عليه أبحاث لا تحصى منها أن ما نقله عن الشافعي لو صح عنه فهو إنما تكلف هذا الكذب ترويجا لفتوى عمر لظهور أن القول بأن المتعة من بين جميع أحكام الدنيا اختصت بالإباحة مرتين والحرمة مرتين إنما تكلف لأجل أن يعلل اختلاف السلف في ذلك بوقوع تعدد الحكم بالإباحة والحرمة ليفرعوا على ذلك تقرر الأمر على الحرمة ونسخ الإباحة وفساد هذا التكلف ظاهر جدا لأن من جملة السلف جابر وعمران بن الحصين والرواية عنهما صحيحة صريحة في أن المتعة كانت باقية إلى زمان عمر على إباحته وإنه لم يلحقها حرمة إلا من عمر دون النبي (ص) فمع هذا التصريح والرد على عمر كيف ظهر على الشافعي أن الأمر قد تقرر على الحرمة والتحقيق إن المسلمين قد اتفقوا على أن نكاح المتعة كان سايغا في صدر الإسلام وفعله الصحابة وفي زمن النبي (ص) وزمن أبي بكر وبرهة من ولاية عمر ثم نهى عنه فادعى أنه منسوخ وخالفه جماعة من الصحابة ووافقه قوم وسكت آخرون وقد اضطربت روايات الجمهور في نسخه سيما في تكرره كما يظهر مما نقل عن الشافعي وليس حديث منع المتعة على تقدير تسليمه متواترا قطعا حتى ينسخ به الكتاب ثم لو كان نسخها حقا لما اشتبه ذلك على الصحابة في زمن خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر ثم اشتهر النهي عنها وما أحسن ما وجد في بعض كتب الجمهور أن رجلا كان يفعلها فقيل له عمن أخذت حلها فقال عن عمر فقالوا
صفحہ 243