وأما سادسا فلأن قوله ونحن نقول له أنت لا تروي شيئا يعتد به إلا من صحاحنا ليس فيه اعتراض على المصنف قدس سره لظهور أنه إنما يروي تلك الأحاديث من صحاح أهل السنة ليقوم حجة عليهم لا لاحتياجه في تصحيح ما اعتقده إلى التثبت بتلك الأحاديث وأما سابعا فلأن ما ذكره من أن صحاحنا ليس ككتب الشيعة التي اشتهر عند السنة أنها من موضوعات يهودي كان يريد تخريب بناء الإسلام إلى آخره فإنما اخترعه ليذهب عن قلوب أهل نحلته ما ذكره الشيعة من أن أكثر المذكور في كتب أهل السنة المسماة بالصحاح تسمية للشئ باسم ضده من موضوعات زمان الشجرة الملعونة الأموية القاصدين لمحو آثار النبي (ص) وأهل بيته (ع) وهم الذين خربوا بناء الإسلام وسنوا سب علي (ع) على منابر الأيام وقتلوا وسبوا ذرية خير الأنام وهذا كما لا يخفى على أهل الإسلام لا يخفى على اليهود والنصارى وعبدة الأصنام وإنما احتججنا عليكم بنقل ما فيها تحصيلا للإلزام لا لاعتقاد اتصافها بالصحة والإحكام وأما ما ذكره من وضع اليهودي كتابه وديعة عند الإمام الصادق (ع) إلى آخره فهو كذب صريح مخالف لأصول الإمامية فضلا عن أئمتهم (ع) فإن حفظ كتب أهل الضلال والركون إليهم بشئ من الأقوال والأعمال غير جايز أصلا كما صرحوا به في كتبهم المتداولة وإنما يتمشى مثل ذلك لأهل السنة الذين يمشون مع اليهود والنصارى ويحكمون بطهارتهم ويأكلون ويشربون معهم ومن إنائهم ويلحسون من فضلاتهم وأسارهم على أن ذلك إنما يفيد في مقصوده لو كان اقتباس دين الإمامية منحصرا في كونه من الصادق (ع) وكل عامي سمع بالأئمة الاثني عشر وأهل البيت (ع) يعلم أنه ليس كذلك فعلى تقدير اشتباه حال ذلك الكتاب على أصحاب الصادق (ع) كيف أمكن الاشتباه على وصيه المعصوم المنصوص بعده وهو موسى الكاظم (ع) وقد روى صاحب جامع الأصول في حديث من تجدد مذهب الإمامية في المائة الثانية كان علي بن موسى الرضا (ع) ومن البين الذي لا يجحده إلا الشقي أن المذهب الذي يكون تجدده مثل ذلك الإمام المعصوم يكون حقا البتة ولعل هذا الشقي المارد أرداد بافتراء هذه القصة الانتقام عن الشيعة بما ذكره مشبهة المغرب في شأن شيخ أهل السنة أبي الحسن الأشعري حيث حكوا أن أبا الحسن المذكور كان نصرانيا ولما أراد تخريب دين الإسلام وتضييع عقايد المسلمين في شأن النبي (ص) جاء بين المسلمين وأظهر الإسلام فابتدع ما مر من المسايل والأحكام الذي شنع عليها عقلا الأنام وأما ثامنا فلأن ما ذكره من اتفاق أصحابه وشهادتهم على صحة ما في صحاحهم فمن قبيل استشهاد ابن آوى بذنبه وناهيك في ذلك أن أصح تلك الكتب بعد كتاب الله تعالى عندهم هو الذي جمعه البخاري وقد عرفت فيما سبق حال كتابه وحماقة صاحبه بما لا مزيد عليه فكيف يصح أن يسمي كتابه صحيحا وأما ما نقله من علمائه من اتفاقهم على أنه لو حلف أحد بالطلاق أن في ما تلك الكتب صحاح لم يقع الطلاق وثم يحنث فمردود بأن وقوع الطلاق بالحلف من مبتدعات عمر لا من أحكام الله تعالى ورسوله فهو صادق في عدم الحنث وأيضا سنبين أن أنكحة أهل السنة باطلة فلا يحصل الحنث لهم بالطلاق أبدا وأما تاسعا فلأن ما ذكره من اتصال نسب أبي بكر برسول الله (ص) في الأب الثامن فلا يوجب شرفه وخروج بني تيم عن ما اشتهر من كونهم أرذل طوايف قريش لما علم أن الله تعالى قد ضرب ذلة الرقية والعبودية على بعض أولاد الأنبياء وجعل أولاد بعضهم أنبياء أو ملوكا وأما عاشرا فلأن ما ذكره من أن أبا بكر كان قبل البعثة من أكابر قريش وأشرافها مرفوع بما اشتهر من أن أبا سفيان قال لعلي (ع) أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي عليكم تيمي رذل وقول أبي قحافة في شأنه لما سمع أنهم جعلوه خليفة بعد النبي (ص) اللهم لا رافع لما وضعت ولا واضع لما رفعت وقول فاطمة (ع) في بعض كلماتها أنه من؟؟؟ قريش وأذنابهم وأنا أقول أنه من ذوي الأذناب وأما الحادي عشر فلأن ما ذكره من أنه كان قاضيا حكما بينهم مما سوله الناصب له وإلا في المشهور المذكور على لسان الجمهور ما مر من أنه كان في الإسلام خياطا وفي الجاهلية معلما للصبيان وقد قيل شعر كفى المر نقصا أن يقال بأنه معلم أطفال وإن كان فاضلا وأما الثاني عشر فلأن ما ذكره من أنه كان صاحب أموال كثيرة إلى آخره قد كذبه البكحري المصري الشافعي في سيره حيث قال قيل أنه لما بلغ النبي (ص) سنة ثلاث عشرة من الفيل خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله (ص) فاستقبلهم بحيرا ونبههم بأنه رسول من الله تعالى فبايعوه وأقاموا معه ورده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وفيه وهمان الأول بايعوه على أي شئ الثاني أبو بكر لم يكن حاضرا ولا كان في حال من يملك ولا ملك بلالا إلا بعد ذلك بنحو ثلاثين عاما انتهى والعجب دعواهم الإنفاق لرجل قد عرف مذ كان بالفقر وسوء الحال ومن اطلع على النقل والآثار وأشرف على السير والأخبار لم يخف عليه فقر أبي بكر وصعلكته وحاجته ومسكنته وضيق معيشته وضعف حياته وأنه كان في الجاهلية معلما وفي الإسلام خياطا وكان أبوه سئ الحال ضعيفا يكابد فقرا مهلكا ومعيشة ضنكا لكسبه أكثر عمره من صيد القماري والدياسي لا يقدر على غيره فلما عمى وعجز ابنه عن القيام به التجأ إلى عبد الله بن جذعان من رؤساء مكة فنصبه ينادي على مائدته كل يوم لإحضار الأضياف وجعل له على ذلك ما يقويه من الطعام فمن أين كان لأبي بكر هذا المال وهذه حاله وحال ابنه في الفقر أو الاختلال وأيضا قد روى أن بنته أسماء كانت تنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله (ص) على رأسها وهي من مني على مقدار فرسخ كما أخرجه البخاري أيضا فهي أولى بالصدقة والنفقة التي ذكروها عن أبي بكر للمسلمين إذ لا صدقة وذو رحم محتاج والحاصل أن أبا بكر لو كان ذا مال لراعي صلة الرحم بكفالة حال أبيه وبنيه وليس فليس إلا أن يقال أنه أيسر بعد ذلك فنقول إيساره يحتاج إلى دليل كإخراج الصدقة إلى المسلمين وأيضا ينافي ما ذكروه بخل أبي بكر بدرهم أو درهمين يقدمه بين يدي نجوى النبي (ص) كما مر سابقا وأما الثالث عشر فلأن ما ذكره من أنه يعين رسول الله (ص) بماله وأسبابه الخ فمدخول بما ذكرناه في الثاني عشر ومن عجيب مناقضتهم ما رووه بقولهم عن عبد الله بن عباس في تفسير قوله تعالى ووجدك عائلا فأغنى قال ابن عباس أغناه بأن جعل دعوته مستجابة فلو شاء أن يصير الجبال ذهبا لصارت بأذن الله تعالى فمن يكون كذلك كيف يحتاج إلى أبي بكر وكيف يقال في بعض تفسيراتهم لهذه الآية أن أبا بكر أغناه وأيضا يتوجه عليهم أن من أنفق من المال العظيم على رجل محال أن لا يعرف موطنه وحيث أنفقه ولسنا نعرف
صفحہ 213