احکام الاحکام شرح عمدة الاحکام

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
71

احکام الاحکام شرح عمدة الاحکام

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ناشر

مطبعة السنة المحمدية

٢٩ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعْرَهُ، حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا» . ــ [إحكام الأحكام] الصَّلَاةِ بِمُجَاوَرَةِ النَّجَاسَةِ، فَلِهَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ بَدَنَهُ لَا يَتَّصِفُ بِالنَّجَاسَةِ، وَهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ حَالَةُ مُلَابَسَةِ النَّجَاسَةِ لَهُ، فَيَكُونُ طَاهِرًا، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْبَدَنِ ثَبَتَ فِي الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ، أَوْ يَقُولُ: الْبَدَنُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ: مِنْ مَوَاضِعِ النِّزَاعِ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ نَجَسٍ، وَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ - مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ حَمْلُهُ عَلَى نَجَاسَةِ الْعَيْنِ - يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ، وَقَدْ يُدْعَى أَنَّ قَوْلَنَا " الشَّيْءُ نَجِسٌ " حَقِيقَةً فِي نَجَاسَةِ الْعَيْنِ، فَيَبْقَى ظَاهِرُ الْحَدِيثِ دَالًا عَلَى أَنَّ عَيْنَ الْمُؤْمِنِ لَا تَنْجُسُ، فَتَخْرُجُ عَنْهُ حَالَةُ النَّجَسِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ. الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهَا " كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ " يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ عَنْ إرَادَةِ الْفِعْلِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا " اغْتَسَلَ " بِمَعْنَى شَرَعَ فِي الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: فَعَلَ إذَا شَرَعَ، وَفَعَلَ إذَا فَرَغَ، فَإِذَا حَمَلْنَا

1 / 129