ولا شك أن القادة الذين عملوا على إسقاط حكومة السلطان سالم بن ثويني كانوا ينطلقون في ذلك من منطلق الدين الإسلامي وبالتالي فان أهدافهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية تنضوي تحت هذا المفهوم (¬1) ، وعندما يصلون إليها سيعملون جاهدين من أجل ترجمة تصوراتهم على أرض الواقع، وهذا يمكن فقط من خلال جهد ثقافي وعلمي مكثف وتشير الدلائل إلى أن الجهود قد نجحت في هذا المجال كثيرا ، فعلى سبيل المثال يذكر"لاندن" - ومع تحيزه ضد الإمامة ووصفه لهم بالمتزمتين والمتطرفين-يذكر بأن جنود الإمام كانوا على درجة عالية من النظام (¬2) ، وأنه لم يكن للعامل الطبقي أي دور في تركيبة النظام للإمامة (¬3) ، وهذا بالطبع لا يمكن تصوره إلا من خلال منهج علمي تربوي سليم، استطاع فيه العلماء أن يغرسوا أهداف الثورة في نفوس رجالهم على اختلاف قبائلهم وأماكن سكناهم (¬4) ولو كان ذلك إلى حين.
رابعا: المجال العسكري:
لم يكن للإمام عزان جيش منظم، فاعتمد في جميع المعارك التي خاضها على الثوار (الشراة)، وعلى رجال القبائل (¬5) ،
¬__________
(¬1) لاندن،(عمان منذ 1856م)، ص 262.
(¬2) المرجع السابق.
(¬3) المرجع السابق.
(¬4) على أننا لا نتغافل تأثير القيادة القبلية في ذلك فعندما قلبت هذه القبلية ظهر المجن على الإمامة ظهر التحول الخطير حيث أسقطت الإمامة بعد فترة وجيزة.
(¬5) السالمي،(تحفة الأعيان)، ج2 ص277.
والشراة : هم الذين أعطوا البيعة للإمام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى الجهاد في سبيل الله ، أي الذين يتفرغون لحراسة الإمامة ومكتسباتها وقد أخذت التسمية من قوله تعالى:( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) [سورة التوبة،آية رقم 111.انظر مجموعة من العلماء (السير والجوابات) ج1 ص33] .
صفحہ 34