ووقفت في حزن أتأمل رأسه العظيم، وأسنانه البيضاء، وعينيه الحانقتين، وظهره الأسمر، وبطنه الأبيض، وذنبه الأسود، وجعلت أتأمل كل عضو من أعضائه في حب وأسف.
وقال أحدهم: مات مسموما؛ اشترينا له سما ووضعناه في فرخة ميتة فأكلها ومات.
أي لؤم هذا؟ أي لؤم؟!
الفصل العشرون
افتحوا لها الباب
بنت فقيرة وجميلة، ومن من فتيات القرية لا يتزوجنه وهو يملك فدانا غير مرتب الخفر؟!
تعارفا في الحقل عند القناة الصغيرة، وكانت مع عائشة عجلتها التي ترعى الأعشاب على شطي القناة، أما محمود فكان يحمل فأسه التي يعزق بها القطن قريبا من القناة بعيدا عن القرية.
وكانا يتواعدان للقاء عند المصرف، وعند القناة، وهناك بين شجيرات النخل القليلة، وبين البرسيم الذي شرع يجف ويملأ الهواء بتباشير الدريس، كانا يقعدان ويتحدثان في حياء، وكانت عائشة تقص عليه حوادث البيت الصغيرة، وماذا قالت جدتها عن العجلة، وماذا يريد أبوها أن يفعل بالعنزة العجوزة التي لم تعد تلد.
وكان محمود يقعد إليها في صمت عصبي، لا يدري كيف يحتوي نفسه؛ فقد كان يستمع إليها ويده ترتعش، وقدمه تختلج، وتنهداته تتوالى، وهو يعتدل من وقت لآخر كأنه لا يجد الراحة في مقامه أمامها.
وكانت الساعات تمضي كأنها لحظات، وذات يوم جاء طلب لمحمود من العمدة؛ وزارة الحربية تطلبه للتجنيد.
نامعلوم صفحہ