والدي العزيز
أرجو أن تسامحني، لم أطق الصبر.
تزوجت شادية، وأنا أقيم في بيت والديها، ونذهب كل يوم معا إلى الكلية، وستحتاط هي حتى لا تحمل، وسنبقى بلا أولاد إلى أن نتخرج.
أبي، سامحني، سامحني، سامحني.
سامي
الفصل الثالث عشر
لكن الله يرحمه
ولكن - بالطبع - هذه الذكريات القديمة كانت تأتي في آخر المناقرة، وعندما تحس أن الموضوع الحاضر قد استنفذ كل ما يتحمل من ألوان البيان اللغوي.
كانت للسيدة أنيسة فنون لغوية في المناقرة، وكانت تناقر زوجها في كل وقت؛ في الصباح عندما يتناول القهوة، وعقب الغداء حينما يحب أن يرتاح في سريره، وفي المساء أيضا قبل النوم؛ حتى يحلم برقتها ولطفها، ولكنها كانت تختار وقت القيلولة عندما يكون موضوع المناقرة خطيرا.
وكان زوجها السيد راجي رجلا في الخمسين، موظفا في وزارة الأشغال، حيث كان يؤدي عملا كتابيا تافها، وقد التحق بهذا العمل حين كان عمره ثلاثا وعشرين سنة، وبعد سبع وعشرين سنة لم يزد مرتبه غير أربعة جنيهات، ولم يزد فهمه لعمله، أو لم يتفرع هذا الفهم إلى شئون أخرى تزيد اهتمامه؛ إذ كان عملا متكررا لا يخرج عن ثلاثة دفاتر كبيرة، يملؤها كل يوم، في أعمدة معينة بكل ورقة منها، عما يصل إليه من مراسلات؛ ولذلك، مع أنه كان ساخطا على ضآلة مرتبه، فإنه لم يكن ليجد المبرر لزيادته، بل إنه كان يتساءل أحيانا: لماذا زادوه أربعة جنيهات مع أن عمله لم يزد؟
نامعلوم صفحہ