وجرى هذا في الكلام مجرى من قال: زيد بن عبد الله إمام عدل ، والذين معه يطيعون الله، ويجاهدون في سبيل الله، ولا يرتكبون شيئا مما حرم الله وهم المؤمنون حقا دون من سواهم، إذ هم أولياء الله الذين تجب مودتهم دون من معه ممن عداهم، وإذا كان الامر على ما وصفناه، فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات، فمن كان عليها منهم فقد توجه إليه المدح وحصل له التعظيم، ومن كان على خلافها فالقرآن إذن منبه على ذمه، وكاشف عن نقصه، ودال على موجب لومه، ومخرج له عن منازل التعظيم. فنظرنا في ذلك واعتبرناه، فوجدنا أمير المؤمنين عليه السلام وجعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعمار بن ياسر والمقداد بن الاسود وأبا دجانة - وهو سماك بن خرشة الانصاري (1) - وأمثالهم من المهاجرين والانصار رضي الله عنهم، قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمن القرآن. وذلك أنهم بارزوا من أعداء الملة الاقران، وكافحوا منهما الشجعان، وقتلوا منهم الابطال، وسفكوا في طاعة الله سبحانه دماء الكفار، وبنوا بسيوفهم قواعد الايمان، وجلوا عن نبيهم صلى الله عليه وآله الكرب
---
(1) أبو دجانة الانصاري: صحابي، شجاعا بطلا، له آثار جميلة في الاسلام، شهد بدرا، وثبت يوم احد، واصيب بجراحات كثيرة، واستشهد باليمامة في الاسلام (11 ه) " معجم رجال الحديث 8: 303، سير أعلام النبلاء 1: 243 / 39، أسد الغابة 2: 352 " (*).
--- [ 144 ]
صفحہ 143