متخصصيهم يكون له اسم عربي غير اسمه العبري أو مشتق منه. أما أمي فأصلها من البصرة، وهي إحدى الأخوات الثلاث المنجبات في علوم التوراة، وهن بنات إسحاق بن إبراهيم البصري الليوي -أعني: سبط ليوي- وهو مضبوط النسب؛ لأن منه كان موسى ﵇ وكان اسم أمي باسم أم شموائيل النبي ﵇ ومكثت أمي عند أبي مدة لا ترزق ولدا حتى استشعرت العقم، فنذرت أنها إن رزقت ولدا ذكرًا تسميه شموائيل، فحين رُزقتني دعتني شموائيل، وهو إذا عُرب: السموءل. وكناني أبي أبا نصر. وشغلني بالكتابة بالقلم العبري، ثم بعلوم التوراة وتفاسيرها.
حتى إذا أحكمت علم ذلك عند كمال الثالثة عشر من مولدي شغلني حينئذ بتعلم الحساب الهندي وحل الزيجات عند الأستاذ العالم أبي الحسن الدسكري. وقرأت علم الطب على الفيلسوف أبي البركات هبة الله بن علي، والتأمل في علاج الأمراض ومشاهدة ما ينفق من الأعمال الصناعية في الطب والعلاجات التي يعالجها خالي أبو الفتح الطبيب.
فأما الحساب الهندي والزيج، فإني حملت علمهما في أقل من سنة، حين كمل لي أربع عشرة سنة، ثم قرأت الحساب الديواني وعلم المساحة على العالم أبي المظفر الشهرزوري، وقرأت الجبر والمقابلة عليه وعلى الكاتب ابن أبي تراب، وترددت إلى الأستاذ أبي الحسن بن الدسكري وأبي الحسن بن النقاش لقراءة الهندسة، حتى حللت المقالات التي كانا يحلانها من كتب إقليدس، وأنا في خلال ذلك متشاغل بالطب. وبقي بعض كتاب الواسطي في الحساب والكتاب السابع في الجبر والمقابلة للكرخي لا أجد من يعرف منه شيئًا، وغير ذلك من العلوم الرياضية مثل كتاب شجاع بن أسلم في الجبر والمقابلة وغيره.
وكان لي من الشغف بهذه العلوم والعشق لها ما يلهيني عن المطعم والمشرب إذا فكرت في بعضها. فخلوت بنفسي في بيت، وحللت جميع تلك الكتب وشرحتها، ورددت على من أخطأ فيها، وأظهرت أغلاط مُصنفيها. كل ذلك في السنة الثامنة عشرة من مولدي. واتصلت تصانيفي في هذه العلوم،
1 / 12