فلما انتهينا منه إلى أخبار الحسين بن علي صلوات الله عليهما شغلت عن إتمامه شواغل، ودعت إلى التوفر على تصنيف غيره وإملائه دواع، فجعلنا هذا المختصر كالجوامع منه؛ لو كنا أتممناه، وأودعناه ما تمس الحاجة إليه من معرفة: أسمائهم، وأنسابهم، وأسماء أمهاتهم، ومدة ولايتهم، ومبلغ أعمارهم، ومواضع قبورهم، وما يتصل بذلك، ونحونا في ترتيبهم النسق الذي أورده الهادي إلى الحق أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام في أسمائهم إلى زمانه، في صدر كتاب (الأحكام)، ثم ذكرناه ومن بعده منهم، مفتتحا بأمير المؤمنين وسيد المسلمين: علي بن أبي طالب عليه السلام، ومختتما: بالمهدي لدين الله أبي عبد الله حمد بن الحسن الداعي إلى الحق رضوان الله عليه.
وأرجو أن يعين الله من بعد على تمام الكتاب المبسوط، فإن من ينظر فيه يطلع من سيرهم على روضة العلم الغزير، والدين الرصين، والفضل الشهير، والمقامات الشريفة الجامعة لسيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في اختيار الزهد في الدنيا، وإيثار الآخرة على الأولى، وبذل المهجة في الذب عن الإسلام والمسلمين، والاجتهاد في إحياء سنن العدل، وإماتة رسوم الجور، ومحو آثار الظلم، وحسم مواد الفساد والمفسدين، على قدر الوسع والتمكن، فيصدر عن استفادة غوامض العلم وغرائب الحكمة، وإذا قابل بها أخبار من نسبهم جهال هذه الأمة إلى الخلافة، واعتقدوا فيهم الإمامة والزعامة، هجم منها على ما أصون لساني عن ذكره.
ومن شك فيما ذكرت فليرجع إليها فهي غير خافية ولا مشكلة، ونسأل الله التوفيق لما يقربنا من رضاه، ويبعدنا من سخطه، وأن يجعل ما نقوله ونتصرف فيه خالصا لوجهه إنه سميع مجيب.
صفحہ 20