قال الإمام الكدمي (¬1) - رضي الله عنه - في المعتبر: «إن الصلاة من الله رحمة، ومن الخلق كلهم دعاء، إلا أن الاستغفار من الملائكة دعاء أيضا» (¬2) . ومثله صرح به الباجوري في حواشي الجوهرة. وقد نظم نور الدين السالمي رضوان الله عليه ونفعنا به تعريفهما فقال:
صلاة الله رحمته، ... وأما ... صلاة الخلق معناها ... الدعاء
والسلام من الله: تحية له وهو أن يسمعه تلك التحية على لسان من شاء تجليله من خلقه، كما كان يسمعه كلامه على لسان جبريل - عليه السلام - ، والمراد بالسلام هاهنا تحية عليا بلغت الدرجة القصوى.
وجمع المصنف بالصلاة والسلام فرارا من الكراهية التي صرح بها المتأخرون في إفراد أحدهما عن الآخر، حتى إن القطب - رضي الله عنه - استظهر التحريم في إفراد أحدهما كما صرح به في الجامع الصغير. وقيل: لا كراهية في إفراد أحدهما عن الآخر.
وقال سيدي نور الدين - رضي الله عنه - : «والذي يظهر لي أن لا تحريم ولا كراهية، وعطف التسليم على الصلاة في الآية لا يقتضي وجوب اقترانهما، ولا كراهية إفراد أحدهما عن الآخر، وإنما يقتضي ثبوت الأمر بكلا النوعين، فالصلاة مأمور بها والتسليم مأمور به، وعطف الأمر على الأمر لا يستلزم اقتران فعلهما في الامتثال، فالمصلي بلا تسليم ممتثل للأمر بالصلاة، والمسلم بلا صلاة ممتثل بالأمر بالتسليم، والتراخي بين الامتثالين جائز، فظهر ما قررناه والله أعلم».
¬__________
(¬1) - ... هو العلامة المحقق أبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي الناعبي (ق4ه/10م): عالم مجتهد، وإمام مصلح. من مؤلفاته: المعتبر، والاستقامة، وجامع أبي سعيد في الفتوى...
صفحہ 28