فهذه العلوم العشرة زعم المهدي والمعتزلة ومن تابعهم أنها نفس
العقل وكلامهم باطل .وبيان بطلانه أنا نعلم قطعا أنه يعد من العقلاء من لم يتصور جميعها بل بعضها وأيضا فإن العاقل منا يشتغل بدقيق الفكر والنظر ويستنبط العلوم الغامضة ولا يخطرها (جميعا بباله) ذلك معلوم عند كل عاقل غير مكابر، فلو كانت هي العقل لم يعد من العقلاء إلا من تصور جميعها، ولما أمكن عاقلا الاشتغال بنحو النظر إلا بإحضارها جميعا بباله وقد بينا بطلانه، هذا وأما تكليف المكلف بالشرعي فيعتبر فيه ما تقدم من كمال العقل وبلوغه بالاحتلام أو الإنبات أو السنين أو نحو ذلك على ما هو مقرر في كتب الفقه. وقد بنى إمام زماننا القاسم بن محمد أيده الله تعالى على أن من عد من العقلاء وأولي الألباب فهو مخاطب بالكل لأنه لم يفصل الدليل والخطاب وقد قال تعالى { واتقون يا أولي الألباب } (البقرة:193) ( هو) : النظر .
[ النظر ]
اختلف فيه فقيل : لفظة مشتركة وهو قول الأكثر، وقيل : معناه
مفرد وهو نظر الفكر الذي هو المراد هنا وهو حقيقة فيه مجاز في غيره، والظاهر ما عليه الأكثرون من القول باشتراكه بين معان خمسة:-
[ معاني النظر ]
القول باشتراكه بين معان خمسة:-
أولها : نظر العين وهو تقلب الحدقة السليمة إلى جهة المرئي التماسا لرؤيته ومنه قول الشاعر:
نظروا إليك بأعين مزورة نظر التيوس إلى شفار الجازر
وعلى هذا حمل قوله تعالى في قصة المنافقين{وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد}(التوبة:127) معناه قلب بعضهم حدقته السليمة في جهة البعض الآخر التماسا لرؤيته.
صفحہ 15