فذهب بعضهم إلى اعتبار اللذة في ذلك، وقال قوم: نفس خروجه([44]) هو الموجب للطهر سواء خرج بلذة أو بغير لذة، وسبب اختلافهم شيئان: أحدهما هل اسم الجنب ينطلق على لاذي أجنب على الجهة الغير المعتادة أو ليس ينطلق عليه؟ فمن رأى أنه إنما ينطلق على الذي أجنب على الجهة المعتادة لم يوجب الطهر في خروجه بغير لذة، ومن رأى أنه ينطلق على خروج المني كيف ما أخرج أوجب منه الطهر وإن لم تكن له لذة، والثاني تشبيه خروجه بغير لذة بدم الاستحاضة، ودم الاستحاضة مختلف في وجوب الغسل به والله أعلم. ومن فروع هذه المسألة إذا انتقل من أصل مجاريه بلذة ثم خرج في وقت آخر بغير لذة، مثل أن يخرج من المجامع بعد ما تطهر فقيل يعيد الطهارة([45])، وقيل لا يعيد، وذلك أنه صحبته اللذة في بعض نقله ولم تصحبه في بعض، فمن غلب حال اللذة قال بوجوب الطهر، ومن غلب حال عدم اللذة قال لا يجب، ولهذا اوجب عليه بعض العلماء أن لا يغتسل حتى يستبرئ من البول، وإن اغتسل ولم يرق البول([46]) فليرق على ليفه سوداء، وإن خرج([47]) منه شيء من الجنابة أعاد الغسل ولا يجب عليه([48]) إعادة الصلاة لأن الغسل إنما لزمه بما خرج منه وقد زال عنه الغسل بالتعبد الأول وهذا غسل ثان والله أعلم. وقال بعضهم: إن انقطع شيء من صلبه وخاف من خروجه فعصر ذكره حتى منعه من الخروج فإنه يغتسل([49]) حين انقطع ذلك من صلبه ولو رده بالعصر، ومن اعتبر الخروج نفسه لم يوجب عليه الغسل والله أعلم.
فصل:
صفحہ 189