وقال بعضهم: الجلالة هي التي عاشت بالنجس ولم تخلطه بشيء من المرعى ثلاثة أيام، أو أكلت الميتة أو الدم أو لحم الخنزير ولو مرة واحدة.
مسألة:
والماء إذا خالطه زعفران أو غيره من الأشياء الطاهرة التي تنفك عنه غالبا وغيرت إحدى أوصافه فإنه طاهر غير مطهر، وقال بعضهم: طاهر مطهر ما لم يكن التغيير عن طبخ، وسبب الخلاف هل يتناوله اسم الماء المطلق أم لا؟ لأن الوضوء لا يكون إلا بالماء المطلق، والعرب تفعل بالمطلق ما لا تفعله بالمقيد، والدليل قوله تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه }([33]). فأطلق ولم يقيد، فأثبتنا له كل الإيمان نطقا واعتقادا وامتثالا، وقال الله تعالى في آية أخرى: { قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم }([34]). فقيد إيمانهم بأفواههم ولم يطلق كما أطلق في الآية الأخرى، والله أعلم. والنظر يوجب عندي أن الاختلاط يختلف بالقلة والكثرة، وقد يبلغ من الكثرة إلى حد لا يتناوله اسم الماء المطلق، وقد لا يبلغ إلى ذلك وبخاصة متى تغير منه الريح فقط، ولذلك لم يعتبر قوم الريح ممن منع الماء المضاف في الوضوء، والدليل على هذا ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأم عطية في ابنته حين توفت: ([35]) ( اغسلنها ثلاثا([36]) أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة شيئا من كافور فإذا فرغتن فأذنني. قالت فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه([37])؟ وقال: أشعرنها إياه فهذا ماء مختلط )، ولكنه لم يبلغ من الاختلاط بحيث ينسلب عنه اسم الماء المطلق، وقد اعتبر قوم القلة والكثرة في المخالطة وأجازه مع القلة، وإن ظهرت الأوصاف والله أعلم. فالمضاف إلى ما يخرج منه، مثل مياه النبات المستخرجة منه لا يجوز الوضوء بها ولا الغسل من الجنابة، والحيض والنفاس، ولا غسل الميت بالإجماع لأنه مضاف والله أعلم.
صفحہ 135