الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّرْعِ، وَأَمَّا الْعَقْلُ؛ فَبِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ، فَلْيَثْبُتْ أَوَّلًا لِأَنَّ الدُّعَاءَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ خَيْرٌ شَرْعًا.
وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى قَوْلِهِ: " تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ "؛ فَمِمَّا تَقَدَّمَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ إِحْدَاثَ الْعِبَادَاتِ جَائِزٌ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ، وَإِنَّمَا كَلَامُ عُمَرَ - بَعْدَ تَسْلِيمِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ - فِي مَعْنًى عَادِيٍّ يَخْتَلِفُ فِيهِ مَنَاطُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ كَتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، أَوِ الظِّنَّةِ فِي تَوْجِيهِ الْأَيْمَانِ؛ دُونَ مُجَرَّدِ الدَّعَاوَى.
فَيَقُولُ: إِنِ الْأَوَّلِينَ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِمْ بَعْضُ الْأَحْكَامِ؛ لِصِحَّةِ الْأَمَانَةِ وَالدِّيَانَةِ وَالْفَضِيلَةِ، فَلَمَّا حَدَثَتْ أَضْدَادُهَا؛ اخْتَلَفَ الْمَنَاطُ، فَوَجَبَ اخْتِلَافُ الْحُكْمِ، وَهُوَ حُكْمٌ رَادِعٌ أَهْلَ الْبَاطِلِ عَنْ بَاطِلِهِمْ.
فَأَثَرُ هَذَا الْمَعْنَى ظَاهِرٌ مُنَاسِبٌ؛ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ إِذَا وَقَعَ فِيهِمُ الْفُتُورُ عَنِ الْفَرَائِضِ فَضْلًا عَنِ النَّوَافِلِ - وَهِيَ مَا هِيَ مِنَ الْقِلَّةِ وَالسُّهُولَةِ ـ؛ فَمَا ظَنُّكَ بِهِمْ إِذَا زِيدَ عَلَيْهِمْ أَشْيَاءُ أُخَرُ يَرْغَبُونَ فِيهَا وَيُرَخِّصُونَ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا، فَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَظَائِفَ تَتَكَاثَرُ، حَتَّى يُؤَدِّيَ إِلَى أَعْظَمِ مِنَ الْكَسَلِ الْأَوَّلِ، وَإِلَى تَرْكِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ حَدَثَ لِلْعَامِلِ بِالْبِدْعَةِ هُوَ فِي بِدْعَتِهِ أَوْ لِمَنْ شَايَعَهُ فِيهَا؛ فَلَا بُدَّ مِنْ كَسَلِهِ مِمَّا هُوَ أَوْلَى.
فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ سَاهِرَ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ الْمُحْدَثَةِ لَا يَأْتِيهِ الصُّبْحُ إِلَّا وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ فِي غَايَةِ الْكَسَلِ، فَيُخِلُّ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ،
1 / 477