الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَسْكُتَ الشَّارِعُ عَنِ الْحُكْمِ الْخَاصِّ أَوْ يَتْرُكَ أَمْرًا مَا مِنَ الْأُمُورِ وَمُوجِبُهُ الْمُقْتَضَى لَهُ قَائِمٌ وَسَبَبُهُ فِي زَمَانِ الْوَحْيِ وَفِيمَا بَعْدَهُ مَوْجُودٌ ثَابِتٌ؛ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُحَدَّدْ فِيهِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْحُكْمِ الْعَامِّ فِي أَمْثَالِهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِشَرْعِيَّةِ الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ الْخَاصِّ مَوْجُودًا، ثُمَّ لَمْ يُشْرَعْ وَلَا نُبِّهَ عَلَى السِّبْطَا؛ كَانَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا ثَبَتَ هُنَالِكَ بِدْعَةٌ زَائِدَةٌ وَمُخَالِفَةٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ، إِذْ فُهِمَ مِنْ قَصْدِهِ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ هُنَالِكَ لَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَلَا النُّقْصَانُ مِنْهُ.
وَلِذَلِكَ مِثَالٌ فِيمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ هُوَ غَايَةٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ الْكَرَاهِيَةُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، وَعَلَيْهِ بَنَى كَلَامَهُ.
قَالَ فِي " الْعُتْبِيَّةِ ": " وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ يُحِبُّهُ فَيَسْجُدُ لِلَّهِ ﷿ شُكْرًا؟ فَقَالَ: لَا يُفْعَلُ هَذَا مِمَّا مَضَى مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، قِيلَ لَهُ: إِنْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ - فِيمَا يَذْكُرُونَ - سَجَدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شُكْرًا لِلَّهِ، أَفَسَمِعْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ذَلِكَ، وَأَنَا أَرَى أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَهَذَا مِنَ الضَّلَالِ أَنْ يَسْمَعَ الْمَرْءُ الشَّيْءَ فَيَقُولُ: هَذَا لَمْ تَسْمَعْهُ مِنِّي، قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ، أَفَسَمِعْتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا؟ إِذْ مَا قَدْ كَانَ فِي النَّاسِ وَجَرَى عَلَى أَيْدِيهِمْ؛ سُمِعَ عَنْهُمْ فِيهِ شَيْءٌ، فَعَلَيْكَ بِذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَنْ أَمْرِ النَّاسِ الَّذِي قَدْ كَانَ فِيهِمْ، فَهَلْ سَمِعْتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَجَدَ؟ فَهَذَا إِجْمَاعٌ، وَإِذَا جَاءَكَ أَمْرٌ لَا تَعْرِفُهُ؛ فَدَعْهُ. . . تَمَامَ الرِّوَايَةِ.
1 / 468