الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
(أَحَدُهُمَا): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا كَرِهَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَا كَرِهَ، وَقَالَ لَهُ: «إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ ﵇: لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ»؛ تَرَكَهُ بَعْدُ عَلَى الْتِزَامِهِ، وَلَوْلَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ فَهِمَ مِنْهُ بَعْدَ نَهْيِهِ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ؛ لَمَا الْتَزَمَهُ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ: لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ! فَلَوْ قُلْنَا: إِنَّهَا بِدْعَةٌ - وَقَدْ ذُمَّ كُلُّ بِدْعَةٍ عَلَى الْعُمُومِ ـ؛ لَكَانَ مُقِرًّا لَهُ عَلَى خَطَأٍ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ فِي الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَصْدًا لِلتَّعَبُّدِ بِمَا نَهَاهُ عَنْهُ، فَالصَّحَابَةُ ﵃ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ وِصَالِ الصِّيَامِ وَأَشْبَاهِهِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا بِدْعَةٌ.
(الثَّانِي): أَنَّ الْعَامِلَ بِهَا دَائِمًا بِشَرْطِ الْوَفَاءِ؛ إِنِ الْتَزَمَ الشَّرْطَ، فَأَدَّاهَا عَلَى وَجْهِهَا؛ فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ، فَارْتَفَعَ النَّهْيُ إِذًا، فَلَا مُخَالَفَةَ لِلدَّلِيلِ، فَلَا ابْتِدَاعَ إِذًا.
وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ أَدَاءَهَا، فَإِنْ كَانَ بِاخْتِيَارٍ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ كَالنَّاذِرِ يَتْرُكُ الْمَنْدُوبَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ؛ فَلَا يُسَمَّى تَرْكُهُ بِدْعَةً، وَلَا عَمَلُهُ فِي وَقْتِ الْعَمَلِ بِدْعَةً، وَلَا يُسَمَّى بِالْمَجْمُوعِ مُبْتَدِعًا، وَإِنْ كَانَ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْذَارِ؛ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ؛ كَمَا لَا [يَكُونُ] مُخَالِفًا فِي الْوَاجِبِ إِذَا عَارَضَهُ فِيهِ عَارِضٌ، كَالصِّيَامِ لِلْمَرِيضِ، وَالْحَجِّ لِغَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ، فَلَا ابْتِدَاعَ إِذًا.
1 / 411