الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
فَإِنَّ أَبَيْتُمْ هَذَا الدَّلِيلَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ﷺ كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ - وَلِذَلِكَ كَانَ رَبُّهُ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ - وَكَانَ يُطِيقُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا تُطِيقُهُ أُمَّتُهُ؛ فَمَا قَوْلُكُمْ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْعَارِفِينَ بِتِلْكَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَدْلَلْتُمْ بِهَا عَلَى الْكَرَاهِيَةِ:
حَتَّى أَنْ بَعْضَهُمْ قَعَدَ مِنْ رِجْلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ التَّبَتُّلِ.
وَصَارَتْ جَبْهَةُ بَعْضِهِمْ كَرُكْبَةِ الْبَعِيرِ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ؟
وَجَاءَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵁: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ كُلَّهُ ".
وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ صَلَّى الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ كَذَا كَذَا سَنَةً، وَسَرَدَ الصِّيَامَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَكَانُوا هُمُ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ، لَا يَمِيلُونَ عَنْهَا لَحْظَةً.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُمَا كَانَا يُوَاصِلَانِ الصِّيَامَ.
وَأَجَازَ مَالِكٌ - وَهُوَ إِمَامٌ فِي الِاقْتِدَاءِ - صِيَامَ الدَّهْرِ؛ يَعْنِي: إِذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ الْعِيدِ.
وَمِمَّا يُحْكَى عَنْ أُوَيْسٍ الْقَرْنِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ لَيْلَهُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَيَقُولُ: " بَلَغَنِي أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا سُجُودًا أَبَدًا. . . "؛ يُرِيدُ أَنَّهُ يَتَنَفَّلُ بِالصَّلَاةِ، فَتَارَةً يُطَوِّلُ فِيهَا الْقِيَامَ، وَتَارَةً الرُّكُوعَ، وَتَارَةً السُّجُودَ.
وَعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّهُ كَانَ يُجْهِدُ نَفْسَهُ فِي الصَّوْمِ وَالْعِبَادَةِ حَتَّى يَخْضَرَّ جَسَدُهُ وَيَصْفَرَّ، فَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ لَهُ: وَيْحَكَ! لِمَ تُعَذِّبْ هَذَا الْجَسَدَ؟ فَيَقُولُ: " إِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ، إِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ ".
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ امْرَأَةَ مَسْرُوقٍ قَالَتْ: " كَانَ يُصَلِّي حَتَّى
1 / 399