الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ قَدْ نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ نَدْبًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ فِي تَكْثِيرِ عِبَادَةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا طَلَبَ مِنَ التَّكْثِيرِ مِنَ الذِّكْرِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤١] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: ١٠]؛ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ.
وَمِثْلُ هَذَا الدُّعَاءُ؛ فَإِنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ، وَمَعَ ذَلِكَ؛ فَلَمْ يَلْتَزِمُوا فِيهِ كَيْفِيَّاتٍ، وَلَا قَيَّدُوهُ بِأَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ - بِحَيْثُ تَشْعُرُ بِاخْتِصَاصِ التَّعَبُّدِ بِتِلْكَ الْأَوْقَاتِ، إِلَّا مَا عَيَّنَهُ الدَّلِيلُ؛ كَالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. وَلَا أَظْهَرُوا مِنْهُ إِلَّا مَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى إِظْهَارِهِ؛ كَالذِّكْرِ فِي الْعِيدَيْنِ وَشِبَهِهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ؛ فَكَانُوا مُثَابِرِينَ عَلَى إِخْفَائِهِ وَسِرِّهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ [النَّبِيُّ ﷺ] حِينَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ: «أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا»، وَأَشْبَاهُهُ، وَلِمَ يُظْهِرُوهُ فِي الْجَمَاعَاتِ.
فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْأَصْلَ؛ فَقَدْ خَالَفَ إِطْلَاقَ الدَّلِيلِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ فِيهِ بِالرَّأْيِ، وَخَالَفَ مَنْ كَانَ أَعْرَفَ مِنْهُ بِالشَّرِيعَةِ - وَهُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ ﵃، بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَوْفًا أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ.
1 / 319