الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا الْهَوَى أَوَّلًا ثُمَّ يَطْلُبُ لَهَا الْمَخْرَجَ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ أَوْ مِنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ أَبَدًا؛ لِاتِّسَاعِهِ وَتَصَرُّفِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ، لَكِنْ يَعْلَمُ الرَّاسِخُونَ الْمُرَادَ مِنْهُ؛ مِنْ أَوَّلِهِ، وَآخِرِهِ، وَفَحْوَاهُ، أَوْ بِسَاطِ حَالِهِ، أَوْ قَرَائِنِهِ، فَمَنْ لَا يَعْتَبِرُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَيَعْتِبَرُ مَا ابْتَنَى عَلَيْهِ؛ زَلَّ فِي فَهْمِهِ، وَهُوَ شَأْنُ مَنْ يَأْخُذُ الْأَدِلَّةَ مِنْ أَطْرَافِ الْعِبَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا يَنْظُرُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، فَيُوشِكُ أَنْ يَزِلَّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ الرَّاسِخِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ شَأْنِ مَنِ اسْتَعْجَلَ؛ طَلَبًا لِلْمَخْرَجِ فِي دَعْوَاهُ.
فَقَدْ حَصَلَ مِنَ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الزَّيْغَ لَا يَجْرِي عَلَى طَرِيقِ الرَّاسِخِ بِغَيْرِ حُكْمِ الِاتِّفَاقِ، وَأَنَّ الرَّاسِخَ لَا زَيْغَ مَعَهُ بِالْقَصْدِ أَلْبَتَّةَ.
[فَصْلٌ وُجُوهُ مُخَالِفَةِ طَرِيقِ الْحَقِّ]
[اعْتِمَادُهُمْ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْوَاهِيَةِ وَالْمَكْذُوبَةِ]
فَصْلٌ
إِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ رَجَعْنَا مِنْهُ إِلَى مَعْنَى آخَرَ، فَنَقُولُ:
إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ لِلرَّاسِخِينَ طَرِيقًا يَسْلُكُونَهَا فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَأَنَّ الزَّائِغِينَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِهِمْ، فَاحْتَجْنَا إِلَى بَيَانِ الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكَهَا هَؤُلَاءِ لِنَتَجَنَّبَها، كَمَا نُبَيِّنُ الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا الرَّاسِخُونَ لِنَسْلُكَهَا، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَهْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِيهِ، وَلَمْ يَبْسُطُوا الْقَوْلَ فِي طَرِيقِ الزَّائِغِينَ، فَهَلْ يُمْكِنُ حَصْرُ مَآخِذِهَا أَوْ لَا؟
فَنَظَرْنَا فِي آيَةٍ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِهِمْ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّاسِخِينَ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣]
1 / 285