الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
صَاحِبَ تِجَارَةٍ بِتَرْكِ تِجَارَتِهِ، وَهُمْ كَانُوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ حَقًّا، وَالطَّالِبُونَ لِسُلُوكِ طَرِيقِ الْحَقِّ صِدْقًا، وَإِنْ سَلَكَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَلْفَ سُنَّةٍ؛ لَمْ يَبْلُغْ شَأْوَهُمْ، وَلَمْ يَبْلُغْ هُدَاهُمْ.
ثُمَّ إِنَّهُ كَمَا يَكُونُ الْمَالُ شَاغِلًا فِي الطَّرِيقِ عَنْ بُلُوغِ الْمُرَادِ؛ فَكَذَلِكَ يَكُونُ فَرَاغُ الْيَدِ مِنْهُ جُمْلَةً شَاغِلًا عَنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْعَارِضِينَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنَ الْآخَرِ.
فَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ جُعِلَ هَذَا النَّوْعُ - الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي السَّلَفِ عَهْدُهُ - أَصْلًا فِي سُلُوكِ الطَّرِيقِ، وَهُوَ - كَمَا تَرَى - مُحْدَثٌ، فَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّ الصُّوفِيَّةَ اسْتَحْسَنُوهُ؛ لِأَنَّهُ بِلِسَانِ جَمِيعِهِمْ يَنْطِقُ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلشُّيُوخِ التَّجَاوُزُ عَنْ زَلَّاتِ الْمُرِيدِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَضْيِيعٌ لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَهَذَا النَّفْيُ الْعَامُ يُسْتَنْكَرُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ قَوْلِهِ: " «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، وَذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَكُنْ حَدَّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» "؟ فَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لَكَانَ مُخَالِفًا لِهَذَا الدَّلِيلِ، وَلَمَا جَاءَ مِنْ فَضْلِ الْعَفْوِ.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَى بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ، وَمِنْ جُمْلَةِ الرِّفْقِ شَرْعِيَّةُ التَّجَاوُزِ وَالْإِغْضَاءِ، إِذِ الْعَبْدُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ زَلَّةٍ وَتَقْصِيرٍ، وَلَا مَعْصُومَ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ.
-[وَ] مِنْ ذَلِكَ أَخْذُهُمْ عَلَى الْمُرِيدِ أَنْ يُقَلِّلَ مِنْ غِذَائِهِ، لَكِنْ
1 / 274