الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
وَالرَّابِعُ: يَرْجِعُ إِلَى النَّظَرِ فِي حَقِيقَةِ الْفَنَاءِ مِنْ حَيْثُ الدُّخُولُ فِيهِ، وَالِاتِّصَافُ بِأَوْصَافِهِ، وَقَطْعُ أَطْمَاعِ النَّفْسِ عَنْ كُلِّ جِهَةٍ تُوَصِّلُ إِلَى غَيْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ دَقَّتْ؛ فَإِنَّ أَهْوَاءَ النُّفُوسِ تَدُقُّ وَتَسْرِي مَعَ السَّالِكِ فِي الْمَقَامَاتِ، فَلَا يَقْطَعُهَا إِلَّا مَنْ حَسَمَ مَادَّتَهَا وَبَتَّ طَلَاقَهَا، وَهُوَ بَابُ الْفَنَاءِ الْمَذْكُورِ.
وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَهْوَاءِ النُّفُوسِ، وَلَا يُعَدُّ مِنَ الْبِدَعِ؛ لِدُخُولِهِ تَحْتَ جِنْسِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ - وَإِنْ دَقَّ - رَاجِعٌ إِلَى مَا جَلَّ مِنَ الْفِقْهِ، وَدِقَّتُهُ وَجِلَّتُهُ إِضَافِيَّانِ، وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ.
وَثَمَّ أَقْسَامٌ أُخَرُ؛ جَمِيعُهَا إِمَّا يَرْجِعُ إِلَى فِقْهِ شَرْعِيٍّ حَسَنٍ فِي الشَّرْعِ، وَإِمَّا إِلَى ابْتِدَاعٍ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ وَهُوَ قَبِيحٌ فِي الشَّرْعِ.
وَأَمَّا الْجَدَلُ وَجَمْعُ الْمَحَافِلِ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْمَسَائِلِ؛ فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ.
وَأَمَّا أَمْثِلَةُ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ؛ فَعُدَّ مِنْهَا: زَخْرَفَةُ الْمَسَاجِدِ، وَتَزْوِيقُ الْمَصَاحِفِ، وَتَلْحِينُ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ تَتَغَيَّرُ أَلْفَاظُهُ عَنِ الْوَضْعِ الْعَرَبِيِّ، فَإِنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَانِ أَمْرٍ آخَرَ؛ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ أَرَادَ مَعَ اقْتِرَانِ قَصْدِ التَّشْرِيعِ؛ فَصَحِيحٌ مَا قَالَ، إِذِ الْبِدْعَةُ لَا تَكُونُ بِدْعَةً إِلَّا مَعَ اقْتِرَانِ هَذَا الْقَصْدِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ؛ فَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا غَيْرُ بِدَعٍ.
وَأَمَّا أَمْثِلَةُ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ؛ فَعُدَّ مِنْهَا الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، أَمَّا أَنَّهَا بِدَعٌ؛ فَمُسَلَّمٌ، وَأَمَّا أَنَّهَا مُبَاحَةٌ؛ فَمَمْنُوعٌ، إِذْ لَا دَلِيلَ فِي الشَّرْعِ يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ بِهَا، بَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ، إِذْ يُخَافُ
1 / 269