الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
فَلِأَجْلٍ ذَلِكَ بَوَّأَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّفَّةَ، فَكَانُوا فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ مَا بَيْنَ طَالِبٍ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ - كَأَبِي هُرَيْرَةَ؛ فَإِنَّهُ قَصَرَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: " وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا؟ -، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَتَفَرَّغُ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَإِذَا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ غَزَا مَعَهُ، وَإِذَا أَقَامَ؛ أَقَامَ مَعَهُ.
حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَصَارُوا إِلَى مَا صَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَمَالٌ مِنْ طَلَبِ الْمَعَاشِ وَاتِّخَاذِ الْمَسْكَنِ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ الَّذِي حَبَسَهُمْ فِي الصُّفَّةِ قَدْ زَالَ، فَرَجَعُوا إِلَى الْأَصْلِ لَمَّا زَالَ الْعَارِضُ.
فَالَّذِي حَصَلَ: أَنَّ الْقُعُودَ فِي الصُّفَّةِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا لِنَفْسِهِ، وَلَا بِنَاءَ الصُّفَّةِ لِلْفُقَرَاءِ مَقْصُودًا؛ بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَا هِيَ رُتْبَةٌ شَرْعِيَّةٌ تُطْلَبُ؛ بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّ تَرْكَ الِاكْتِسَابِ وَالْخُرُوجَ عَنِ الْمَالِ وَالِانْقِطَاعَ إِلَى الزَّوَايَا يُشْبِهُ حَالَةَ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَهِيَ الرُّتْبَةُ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّهَا تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ صُفَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ [الأنعام: ٥٢]. . . الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ [الكهف: ٢٨] الْآيَةَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا زَعَمَ هَؤُلَاءِ، بَلْ كَانَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
1 / 262