الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
فَقَدْ عَادَ الْحَدِيثُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ جِهَةِ لَفْظِهِ، وَشَرْحِ الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ لَهُ.
وَإِنَّمَا يَبْقَى النَّظَرُ فِي قَوْلِهِ: وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً، وَأَنَّ تَقْيِيدَ الْبِدْعَةِ بِالضَّلَالَةِ يُفِيدُ مَفْهُومًا، وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ; لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لَمْ تُفِدْ مَفْهُومًا; وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَفْهُومِ عَلَى رَأْيِ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ; فَإِنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى تَعْطِيلِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ; كَمَا دَلَّ دَلِيلُ تَحْرِيمِ الرِّبَا قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَفْهُومِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: ١٣٠]، وَلِأَنَّ الضَّلَالَةَ لَازِمَةٌ لِلْبِدْعَةِ بِإِطْلَاقٍ، بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا مَفْهُومَ أَيْضًا.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْإِشْكَالِ الثَّانِي: أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، لَا مِنْ قَبِيلِ الْبِدْعَةِ الْمُحْدَثَةِ، وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ قَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَهِيَ مِنَ الْأُصُولِ الْفِقْهِيَّةِ الثَّابِتَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَهُمْ، وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ قَدْحًا عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ.
أَمَّا جَمْعُ الْمُصْحَفِ وَقَصْرُ النَّاسِ عَلَيْهِ ; فَهُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، إِذْ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّهُا شَافٍ كَافٍ; تَسْهِيلًا عَلَى الْعَرَبِ الْمُخْتَلِفَاتِ اللُّغَاتِ، فَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرَةً.
إِلَّا أَنَّهُ عَرَضَ فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ بَعْدَ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتْحٌ لِبَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقُرْآنِ، حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَةِ حَسْبَمَا يَأْتِي بِحَوْلِ اللَّهِ
1 / 237