الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
علاقے
•اسپین
) ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
وَقِسْمٌ لَابَسَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ عَصْرِهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ بِالرَّأْيِ وَوَافَقُوهُمْ فِي اعْتِقَادِ مَا اعْتَقَدُوا مِنَ الْبَاطِلِ، فَهَؤُلَاءِ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْذُورِينَ، مُشَارِكُونَ لِأَهْلِ عَصْرِهِمْ فِي الْمُؤَاخَذَةِ، لِأَنَّهُمْ وَافَقُوهُمْ فِي الْعَمَلِ وَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ عَلَى تِلْكَ الشِّرْعَةِ، فَصَارُ [وا] مِنْ أَهْلِهَا. فَكَذَلِكَ مَا نَحْنُ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُطْلِقُ الْعِبَارَةَ وَيَقُولُ: كَيْفَمَا كَانَ؛ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ الرُّسُلِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْهُمْ.
وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ قَوْلًا هَكَذَا، فَنَظِيرُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَأْتِيَ عَالِمٌ أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ الْمُنْتَصِبِ يُبَيِّنُ السُّنَّةَ مِنَ الْبِدْعَةِ، فَإِنْ رَاجَعَهُ هَذَا الْمُقَلِّدُ فِي أَحْكَامِ دِينِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْأَوَّلِ، فَقَدْ أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ الَّذِي هُوَ شَأْنُ الْعُقَلَاءِ وَرَجَاءَ السَّلَامَةِ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ ظَهَرَ عِنَادُهُ، لِأَنَّهُ مَعَ هَذَا الْفَرْضِ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا الطَّارِئِ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَهُ; كَانَ ذَلِكَ لِهَوًى دَاخَلَهُ، وَتَعَصُّبٍ جَرَى فِي قَلْبِهِ مَجْرَى الْكَلْبِ فِي صَاحِبِهِ، وَهُوَ إِذَا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغَ; لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَنْتَصِرَ لِمَذْهَبِ صَاحِبِهِ، وَيُحَسِّنَهُ، وَيَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ بِأَقْصَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي عُمُومِيَّتِهِ، وَحُكْمُهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ قَبْلَهُ.
فَأَنْتَ تَرَى صَاحِبَ الشَّرِيعَةِ ﷺ حِينَ بُعِثَ إِلَى أَصْحَابِ أَهْوَاءٍ وَبِدَعٍ، وَقَدِ اسْتَنَدُوا إِلَى آبَائِهِمْ وَعُظَمَائِهِمْ فِيهَا، وَرَدُّوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، وَغَطَّى عَلَى قُلُوبِهِمْ رَيْنُ الْهَوَى، حَتَّى الْتَبَسَتْ عَلَيْهِمُ الْمُعْجِزَاتُ بِغَيْرِهَا;
1 / 211