الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایڈیٹر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
علاقے
•اسپین
وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ: " لَقَدْ هُدِيتُمْ لِمَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ نَبِيُّكُمْ! وَإِنَّكُمْ لَتُمْسِكُونَ بِذَنَبِ ضَلَالَةٍ " ; إِذْ مَرَّ بِقَوْمٍ كَانَ رَجُلٌ يَجْمَعُهُمْ، يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَيَقُولُ الْقَوْمُ. وَيَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَيَقُولُ الْقَوْمُ.
ثُمَّ إِنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ مِنَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ حِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَلَّلُونَ لِوَاذًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النِّفَاقَ مِنْ أَصْلِهِ بِدْعَةٌ، لِأَنَّهُ وَضَعَ بِدْعَةً فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ لَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ; قَالَ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ [البقرة: ١٦]، فَمِنْ حَيْثُ كَانَتْ عَامَّةً فِي الْمُخَالِفِينَ عَنْ أَمْرِهِ يَدْخُلُونَ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَحْرَى.
فَهَذِهِ جُمْلَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى مَا بَقِيَ، إِذْ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فِيهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ، وَبَسْطُ مَعَانِيهَا طَوِيلٌ، فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِدْعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ]
وَبَقِيَ مِمَّا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى ذِكْرِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْحُ مَعْنًى عَامٍّ يَتَعَلَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ: أَنْ الْبِدَعَ ضَلَالَةٌ، وَأَنَّ الْمُبْتَدِعَ ضَالٌّ وَمُضِلٌّ:
وَالضَّلَالَةُ مَذْكُورَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّقْلِ الْمَذْكُورِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهَا فِي آيَاتِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ شِيَعًا وَتَفَرُّقِ الطُّرُقِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَعَاصِي، فَإِنَّهَا لَمْ
1 / 175