137

الاعتصام للشاطبى

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

تحقیق کنندہ

سليم بن عيد الهلالي

ناشر

دار ابن عفان

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

پبلشر کا مقام

السعودية

شَهِدَ أَنَّ بَعْثَةَ النَّبِيِّ ﷺ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا، وَجَاءَهُ الْهُدَى مِنَ اللَّهِ وَالْبَيَانُ الشَّافِي، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ﴾ [آل عمران: ٨٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [آل عمران: ٨٧] إِلَى آخِرِهَا. وَاشْتَرَكَ أَيْضًا مَعَ مَنْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَبَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] إِلَى آخِرِهَا. فَتَأَمَّلُوا الْمَعْنَى الَّذِي اشْتَرَكَ الْمُبْتَدِعُ فِيهِ مَعَ هَاتَيْنِ الْفِرْقَتَيْنِ، وَذَلِكَ مُضَادَّةُ الشَّارِعِ فِيمَا شَرَعَ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَشَرَعَ الشَّرَائِعَ، وَبَيَّنَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ عَلَى غَايَةِ مَا يُمْكِنُ مِنَ الْبَيَانِ، فَضَادَّهَا الْكَافِرُ بِأَنْ جَحَدَهَا جَحْدًا، وَضَادَّهَا كَاتِمُهَا بِنَفْسِ الْكِتْمَانِ، لِأَنَّ الشَّارِعَ يُبَيِّنُ وَيُظْهِرُ وَهَذَا يَكْتُمُ وَيُخْفِي، وَضَادَّهَا الْمُبْتَدِعُ بِأَنْ وَضَعَ الْوَسِيلَةَ لِتَرْكِ مَا بَيَّنَ وَإِخْفَاءِ مَا أَظْهَرَ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُدْخِلَ الْإِشْكَالَ فِي الْوَاضِحَاتِ، مِنْ أَجْلِ اتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهَاتِ، لِأَنَّ الْوَاضِحَاتِ تَهْدِمُ لَهُ مَا بَنَى عَلَيْهِ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ، فَهُوَ آخِذٌ فِي إِدْخَالِ الْإِشْكَالِ عَلَى الْوَاضِحِ، حَتَّى يَرْتَكِبَ مَا جَاءَتِ اللَّعْنَةُ فِي الِابْتِدَاعِ بِهِ مِنَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ: " قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ يَعْنِي: الْمَدِينَةَ فَصَلَّى وَوَضَعَ رِدَاءَهُ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ; رَمَقَهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ وَرَمَقُوا مَالِكًا، وَكَانَ قَدْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ، فَلَمَّا سَلَّمَ;

1 / 154