وكانت تتكلم بصوت مرتجف وتكاد تهوي على الأرض.
وتذكرت ما سمعته عن تلقيب بريجيت بالوردية، فسألتها: أليس هذا الإكليل الذي تفتتين أوراقه إكليل لقبك القديم؟
فعلا وجهها الاصفرار وأجابت سلبا.
فصحت بها: أقسم بحياتي أنه هو بعينه، فأعطني بقاياه ...
وجمعت الوريقات اليابسة فوضعتها على الهيكل، ووقفت أنظر خاشعا إليها كأنها رفات، فقالت: هب أنه إكليل لقبي، أفما ترى أنني أحسنت عملا بنزعه عن هذا الجدار حيث علق منذ زمان مديد؟ أية قيمة للمندثر؟ إن بريجيت سيدة الورد قد ماتت عن هذا العالم، فما هي خير من إكليلها المنفرط البالي.
وخرجت فسمعت شهقة بكائها وصرير الباب يقفل وراءها، فإذا بي منفرد في المصلى أتهاوى جاثيا معولا.
وعندما لحقت بها رأيتها جالسة إلى المائدة تنتظرني لتناول الطعام، فأخذت مكاني وسكت كل منا عما كان يجول في ضميره.
الفصل السادس
وما كذب الواقع ظني بمركانسون؛ إذ تأكدت أنه لم يتورع عن التحدث أمام سكان القصور المجاورة وأمام أهل القرية عن مقابلتي له، واستفساري عن أمر دالانس، فاستثمر ما نم عليه اضطرابي من شكوك.
ولا يجهل أحد ما في البلدان الصغيرة من سهولة انتشار النميمة؛ فإنها تتطاير من فم إلى فم صائرة إلى أغرب المبالغات، وما أفلت وبريجيت من جور هذا النظام، فأصبحنا وكل منا شاعر بأنه أحرج موقف الآخر؛ لأن محاولتها مغادرة القرية كانت قد اصطدمت بضعفها، وشدة إلحاحي عليها أكرهتها على البقاء، غير أنني كنت المسئول أمامها لتعهدي بألا أشوش سكينتها بغيرتي أو بطيشي؛ ولهذا كانت كل بادرة قاسية مني نكولا، وكل لفتة حزينة منها ملامة مبررة.
نامعلوم صفحہ