باب في الخضاب
* الخضاب جائز، وقد خضب الصدر الأول رحمهم الله، ومنهم من قال: يقبح لأنه إيهام وخطأ، والأفضل تركه، لأن برؤيته الانزجار، وتذكر قرب الأجل، وضعف الأمل.
* وخضب الحسن بن علي عليه السلام، وعقبة بن عامر الصحابي، كانا يتمثلان بقول القائل:
نسود أعلاها وتأبى أصولها فليت الذي يسود منها هو الأصل
* أبو حاتم، عن العتبي، قال: قال سيف بن ذي يزن لعبد المطلب بن هاشم حين قدم إليه، وكان حسن الشيبة: لو خضبت شعرك؟ فلما ورد مكة خضب.
فقالت نثيلة امرأته: ما أحسن هذا الخضاب لو دام!! فقال، مجيبا لها:
فلو دام لي هذا الخضاب حمدته .... وكان بديلا من خليل قد انصرم
تمتعت منه والحياة قصيرة .... ولابد من موت نثيلة أو هرم
وماذا الذي يغني عن المرء عزه .... وثروته يوما إذا عرسه انثلم
لموت جهير عاجل لا شوى له .... أحب إلينا من مقالتكم حكم
* لبعضهم لأحمد بن عبيد:
يا خاضب الشيب بالحناء يستره .... سل المليك له سترا من النار
لا يرحل الشيب عن دار يلم بها .... حتى يرحل منها صاحب الدار
* لمحمود الوراق:
فقلت لها: المشيب نذير ربي .... ولست مسودا وجه النذير
* أبو العتاهية:
من لاح في عارضه القتير .... فقد أتاه بالبلى النذير.
* لبعضهم:
ولا يروعك إيماض القتير غدا .... فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب
* لأبي حازم:
أتفرح أن ترى حسن الخضاب .... وقد واريت نفسك في التراب
ألم تعلم وفرط الجهل جهل .... بأن خضابه كفن الشباب
فكنت كمن أناف على عذاب .... ففر من العذاب إلى العذاب
تهي لرحلة لا بد منها .... فقد أثبت رجلك في الركاب
* لمحمود الوراق:
فخذ للسير أهبته وبادر .... وعب أداة رحلك للذهاب
فقد جد الرحيل وأنت ممن .... يسير على مقدمة الركاب
* الحسن، سئل عن الخضاب؟ فقال: جزع قبيح.
* قيل لبعض الحكماء: إن فلانا في خضاب لحيته في تعب. فقال: إنه ما احتمل ذلك إلا خشية المطالبة بحنكة المشائخ.
صفحہ 300