سهل يظهر الإعتذار إليه، ويتشفى بمخاطبته إياه، وطاهر مقيم بالجزيرة والفضل بخراسان، وقد كان الشغب الذي حدث بينهما ظاهرًا، فورد عسكر المأمون بمرو، وكثير ممن بها من الوجوه عاتب على الفضل، فحضره وبحضرته عبد الله ابن مالك الخزاعي، وهو أشدهم عتبًا عليه، فكلمه بكلام كثير أغلظ له فيه، وعرض له بكل ما يكرهه، ثم قال له بعقبه: ولولا أني رسول مأمون ما قلت ما قلته! فقال له الفضل: أما خشيت في تحمل مثل هذه الرسالة القتل؟ فقال له عيسى: ما شككت في القتل، إلا أني ميلت بين أن آبى على صاحبها تحملها، وبين أن أقبلها، فرأيت أني إن لم تحملها عجل لي القتل، وحصل لي مذمة بمخالفته، وإن قبلتها كنت قد شكرت نعمته وأطعت أمره، وعشت بينه وبين الأمير أعزه الله المسافة التي قد عشتها، ثم لعلي أن أكون قد وردت من فضل الأمير وعفوه على ما أرجو ألا اُبعد عنه! فقال له الفضل: لو أطعت فيك النصحاء لأسترحت منك، ولم تك تكلمني في مجلس أمير المؤمنين ودار الخلافة بما كلمتني به، فقال له عيسى: وما رأى النصحاء أعز الله الأمير؟ فقال: أن كنت أضرب عنقك قبل أن تصل إلي، وأرد رأسك في مخلاة إلى صاحبك، فأكون قد قطعت يده ولسانه! فقال له عيسى: أنا يده ولسانه؟ والله لو أن صاحبي أخرج يده من مضربه لوجد حوله سبعين بل سبع مائة بل سبعة آلاف كلهم
1 / 123