وصل الناس إلى المأمون ووصل فيهم علي بن عيسى، مثل غسان بين يدي الصفين وقال: يا أمير المؤمنين، إن لعلي بن عيسى خدمةً وحرمةً وسالف أمل، ولأمير المؤمنين عنده إحسان، وهو أولى بربه، وقد لحقه من الخسران في ضمانه ما قد تعارفه الناس، وعليه من حدة المطالبة وشدتها، والوعيد بضرب السياط ما قد حيره، وقطعه عن الاحتيال فيما عليه، فإن رأى أمير المؤمنين أن يسعفني ببعض ما عليه ويضعه عنه فعل! ولم يزل به إلى أن حطه إلى النصف مما عليه، واقتصر به على عشرين ألفًا، فقال غسان: على أن يجدد له الضمان، ويشرف بخلعة، فأجابه المأمون؛ فقال: يأذن لي أمير المؤمنين أن أحمل الدواة ليوقع منها أمير المؤمنين بذلك ويبقى شرف حملها علي وعلي عقبي؟ قال: افعل، بتجديد الضمان، وعليه الخلع، فلما وصل إلى منزله رد العشرين ألفًا الباقية إلى غسان وشكره، فردها إليه وقال: لم أستحطها لنفسي، وإنما أحببت توفيرها عليك، وليس والله يعود إلي من هذا المال حبة واحدة أبدًا، وترك الجميع له.
1 / 121