مني في إجهاد نفسي بالقيام بما يلزمني من نصيحة الأمير أيده الله حسب الذي يحق علينا، فبينا أنا مشرف على إدراك كل خير، وبلوغ نهاية كل فضل، إذ رماني الدهر بفرقته، ولزمني من ذلك ما كنت أشد الناس زرية به، فوجد أهل البغي والفرية إلي سبيلًا، وقد صرت أعز الله الأمير لمكان الخوف الذي ملكني نازع أمكنة، وغرض ألسنة، فلو تحقق الأمير سيء حالي، وكنت العدو، لأشفق علي، ورثى لي، وذنبي أيده الله عظيم، وخناقي ضيق، وحجتي ضعيفة، وعفو الأمير وطوله أعظم من ذلك كله، فإن تداركني الأمير بما أؤمل فذاك الذي يشبهه وينسب إليه وأرجوه منه، وإن يعاقب فبالذنب الذي اجترمته، وهو أحق من انتشلني من زلتي، وأقالني من عثرتي، ورجا ما يرجوه مثله من أهل المنة والطول من مثل ما عظمت المنة عليه، والأمير أولى بي، وأنظر مني لنفسي، وأعلى بما سألته ورغبت إليه فيه عينًا ويدًا، والله ولي توفيقه فيما عزم عليه من ذلك، وعليه التوكل لا شريك له؛ وأنا أرجو أطال الله بقاءه أن أكون ممن يتعظ بالتجربة، ويقيس موارد أموره بمصادرها، ولا يدع تصحيح النظر لنفسه، فيما يستقبل منها إن شاء الله، أتم الله على الأمير نعمه، وهناه كرامته، وألبسه أمنه وعافيته في الدنيا والآخرة. فأمنه واستكتبه وكان يشاوره في أموره.
1 / 106