فلو تقدم عصر مولانا الذي فضل العصور الخالية، وأحال على العطل الملوك الحالية، لقلت إياه تقيل، معارف وعوارف، وعلاه تسربل، من توالد وطوارف، وإلا فهأنا مع الاصطناع الظاهر، والاستشفاع بالنجل المبارك الطاهر، كالذي قال للحسن بن سهل، وقد أتى ما أتيت عن جهل: ذنبي أعظم من السماء، وأوسع من الهواء، وجرمي أكثر من الماء! فقال له الحسن: على رسلك، قد تقدمت لك طاعة، وحدثت منك توبة، وليس للذنب بينهما مكان، وما ذنبك في الذنوب بأعظم من عفو أمير المؤمنين في العفو! وفيه يقول الحسن بن رجاء الكاتب:
صفوحٌ عن الإجرام حتّى كأنّه ... من العفو لم يعرف من الناس مجرما
وليس يبالي أن يكون به الأذى ... إذا ما الأذى لم يغش بالكره مسلما
وقد تضمنت هذه الرسالة من أنبائه، ما يدل على كماله، ويجلو للأحداق صور مكارم الأخلاق في سماحه واحتماله.
1 / 91