منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى نفاد، ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي من بعدي ذكره وفخره وشرفه، فإذا قيل: وما هو؟ قال: ستعلمن نبأ ما أقول ولو بعد حين (1).
وقد روى هذا الحديث الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوة من طريقين (2).
ومن ذلك: حديث بحيراء الراهب، فقد أورد محمد بن إسحاق بن يسار قال: إن أبا طالب خرج في ركب إلى الشام تاجرا، فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير انتصب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بزمام ناقته وقال: (يا عم إلى من تكلني لا أب لي ولا أم لي؟).
فرق له أبو طالب فقال: والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا. فخرج وهو معه.
فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها راهب يقال له بحيراء في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية، وكان كثيرا ما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم، فلما نزلوا ذلك العام قريبا من صومعته صنع لهم طعاما، وذلك فيما يزعمون عن شئ رآه وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا وغمامة بيضاء تظله من بين القوم، ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة، وتهصرت (3) أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيراء نزل من صومعته - وقد أمر بذلك الطعام فصنع - ثم أرسل إليهم فقال:
صفحہ 65