هل يحظر على المتيمين إظهار ما تكن قلوبهم؟
كنت أعرف الناس يضنون بأفكارهم لئلا يتلقاها الآخرون ببرود وجفاء، كنت أعلم أنهم يحيون ويتحركون مخدوعين خادعين، متنكرين متسترين، غرباء عن البشر، غرباء عن ذواتهم! إنما القلب بعينه ينبض في كل صدر بشري!
ولكن نحن، يا محبوبتي، أيسكت ذلك النهي الوهمي قلوبنا؟ وأصواتنا؟ أيجب أن نخرس نحن أيضا؟ آه! ما أسعدنا إذا حررنا قلبنا، ولو لحظة، وحللنا قيود الشفاه لأن السر الذي أطبقها وختم عليها تقدس في أعماقنا!
القدر الذي سبق فعلم كيف يكون الرجل طفلا وكيف يكون زهوقا، وكيف تتقاذفه المطامع فيخوض ميادين الشقاق والنزاع حتى لتكاد تتحور شخصيته، فلا يتمكن من وقاية النفس الطاهرة من تلاعب الأهواء وإن أرغمها على الخضوع لناموس الكيان؛ ذلك القدر هو الذي يأمر نهر الحياة في صدرنا استطراد السير إلى الأمام.
فننسى حركة ذلك النهر الدفين وإن لازمناه وهو يجتاز عرض البحار وكنا مثله مسوقين على الدوام.
ولكن كم من مرة في ازدحام السبل.
وكم من مرة في جلبة المصارعة وضوضاء التقاتل.
يتصاعد فينا الشوق فننتبه لحياتنا الدفينة.
ويتيقظ لدينا احتياج لصرف نار قوانا التي لا تعرف السكون.
ويضنينا توق إلى البحث عن أسرار القلب النابض بعنف في أعماقنا لنعرف من أين تأتي أفكارنا وإلى أين تقصد!
نامعلوم صفحہ