[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
لك الحمد يارب على أن هديتنا إلى سواء السبيل ، أشهد أنك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك ، لك ولا نظير لك ولا مثيل ، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبدك ورسولك المفضل على جميع خلقك أكبر تفضيل ، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يتميز فيه العزيز من الذليل .
وبعد فيقول العبد الراجي رحمة ربه القوي أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي تجاوز الله عن ذنبه الجلي والخفي ابن عبد الحليم أدخله الله في دار النعيم :
قد وصلت إلى رسالة مسمى بشفاء العي عما أورده الشيخ عبد الحي مشتملة على الأجوبة عن بعض إيراداتي على صاحب الاتحاف والاكسير والحطة وغيرها من التصانيف الجليلة ، وهو العالم الجليل والفاضل النبيل مجمع الكمالات الإنسية منبع الفضائل الحميدة ، النواب السيد صديق حسن خان بهادر دام اقباله ابن المولوي السيد أولاد حسن القنوجي المرحوم ، وقد كنت أوردت عليه في تصانيفي ما صدر عنه في تصانيفه وهو غلط قطعا أو ظنا ، وما كان ردي له بغضا وعنادا ، بل حسبما يرد بعض العلماء بعضا لإبطال الباطل وإظهار الحق ، وهو أمر أحق ، وذلك لأن تصانيفه وإن اشتهرت وكثرت وأفادت الخلائق ونفعت ، ولكنها مع ذلك غير منقحة ولا مهذبة يعلم من طالعها أن مؤلفها لم يقصد فيها إلا جمع الرطب واليابس ، كجمع الغافل والناعس ، لا ينقح الأمور التي يجب تنقيحها ، ولا تحقيق التي يجب تحقيقها ، وفيها مسائل بشعة شاذة ، ودلائل مطروحة ومخدوشة ، وأغلاط فاحشة لا سيما في تصانيفه المتعلقة بتواريخ المواليد والوفيات ، وذكر التراجم والطبقات .
صفحہ 6
ومن المعلوم أن مثل هذه الأمور مفسدة لخلق الله ومضلة لعباد الله ، والواجب على العلماء المتدينين أن يكفوا الناس عن أمثال هذه الأمور السخيفة ويحفظوهم من الأحكام الضعيفة ، فمن ثم توجهت إلى إبراز بعض أغلاطه الصريحة في تصانيفه المتفرقة لغرضين :
أحدهما : أن يتحفظ الخواص والعوام عن الخرافات والاكاذيب والأوهام .
وثانيهما : أن يتنبه مؤلفها ويتيقظ مصنفها ، فينقد ما في تصانيفها ويزيل في النظر الثاني أغلاطها .
ولم أكتب تصنيفا مستقلا في إبراز أغلاطه ولا توجهت إلى جمع مسامحاته ، ولو شئت لفعلت قصدا إلى أن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وقد حصل الغرض الأول بحمد الله تعالى ولم يحصل الثاني .
صفحہ 7
وكان أهمهما حيث لم يتنبه مؤلفها بل توجه إلى الإصرار بما فيها والجواب عما أورد عليها ، فصنفت رسالة مذكورة مسماة بشفاء العي بإشارته وبعلمه والله أعلم بمن ألفها ومن هذبها وقد وجدت في أولها اسم مولفها أبو الفتح عبد النصير ، والظاهر أنه اسم لا وجود لمسماه في بلدة بهوبال ، فان كان فليس من المشهورين بالفضل والكمال ، ولعله واحد من طلبة العلوم غير لائق لأن يخاطبه أرباب العلوم ، والذي أظن فيما سمعت من بعض الثقات أنه ألفها الشيخ محمد بشير السهسواني مؤلف الرسائل في بحث زيارة القبر النبوي ، فإن كان كذلك فهو مأخوذ بالعود إلى ما يحسبه ذنبا بعد التوبة وذلك لأني لما صنفت رسالتي " الكلام المبرم في نقض رسالته القول المحقق المحكم" وأدرجت في ديباجة اسم بعض تلامذتي ، أورد علي في رسالته " القول المنصور" : بأن مثل هذه الصنيع غير جائز ، فلما أوردت عليه في " الكلام المبرور" بأنه قد ارتكب هو أيضا عند مقابلة بعض العلماء بمثله ، ذكر في رسالة " المذهب الماثور" : أني قد تبت منه فيالها من توبة قد جعلها شيئا فريا واتخذها ظهريا ، حيث صنف هذه الرسالة بنفسه وأدرج فيه اسم أبي الفتح عبد النصير مع علمه قبح صنيعه وأيا ما كان ؛ ألفه الشيخ السهسواني ، أو رجل آخر مسمى بعبد النصير ، فلا ريب في أن صاحب الاتحاف قد اطلع عليه ورضى به ، كيف لا ؟ ومن ينصر رجلا ويجيب عن الإيرادات الواردة عليه ، لا بد أن يطلع المنصور عليه ويفهمه .
صفحہ 8
وقد وقفت على بعض تحريرات صاحب الاتحاف كتبه إلى بعض الأحباب فيه ما يدل على أنه واقف بهذا الرد وراض به ، وإذا كان هذا هكذا فلست أخاطب عبد النصير ولا الشيخ السهسواني في هذه المباحث ، بل مخاطبتي بصاحب الاتحاف فإني أنا وهو بحمد الله أخوان في العلم والكمال وإن فاق هو بالرياسة والاقبال ، ومباحثة الأخ مع الأخ أهون من المباحثة مع الأجانب .
وقد كنت أردت أن أترك التعقبات عليه لما سمعت أنه يحزن منها ، ويحملها على التعصب والعناد ، ولكنه لما ألف واحد من ناصريه هذه الرسالة المستقلة بمقابلتي فتأليفه عين تأليفه دعاني ذلك إلى تأليف مستقل في جوابه ، وسميت هذا التأليف بسم الله الرحمن الرحيم" إبراز الغي الواقع في شفاء العي" ، ولقبته ب"حفظ أهل الإنصاف عن مسامحات مؤلف الحطة والإتحاف" .
ولنقدم مقدمة تشتمل على ذكر بعض مسامحات صاحب الإتحاف في رسائله المتفرقة واختياراته الغير المرضية ، ليعلم الناظرون صدق ما اسبقنا ذكره ، وليتنبه مؤلفها فينقح تآليفه .
ولئن قام هو أو واحد من ناصريه إلى الجواب عنها والإصرار عليها ، أو حمله سوء الخصومة على تأليف رسالة في إبراز أغلاطي وأنا إن شاء الله منها برئ ، وجد في المرة الثالثة أضعافا مضاعفة ورسائل متعددة في أغلاط فاحشة .
صفحہ 9
وبعد الفراغ من المقدمة نتوجه إلى إبراز ما في " شفاء العي من الغي" ، فنقول : قد اختار صاحب الإتحاف في تصانيفه عادات وطرقا يجب أن يجتنب عنها فمن ذلك : أنه يقلد تقليدا جامدا لابن تيمية وتلامذته وللشوكاني وأمثاله مع أنه من أشد المنكرين على المقلدين فإلى الله المشتكى من مثل هذا الصنع فما الذي حرم تقليد المجتهدين والأئمة المتبوعين وأباح تقليد هؤلاء المستحدثين وليسوا بجنب المجتهدين المتبوعين إلا كعصافير بجنب الناطقين ، ومن طالع تصانيفه علم هذا الأمر فإنه يرجح غالبا ما رجحوه وان كان سخيفا ، ويكتب ما سطروه وان كان غلطا فاحشا .
ولنذكر في مثاله أمورا عديدة ، فمنها : أنه افترى على الإمام مالك وعلى الأئمة الأربعة وعلى الجمهور في بحث زيارة القبر النبوي في كتابه " رحلة الصديق إلى البيت العتيق" وخلط بحثا ببحث آخر ، وأجرى الخلاف المنقول في شد الرحال بقصد الزيارة في نفس الزيارة ، وستطلع على ذلك أثناء البحث عما في " شفاء العي" .
صفحہ 10
ومنها : أنه رجح عدم وجوب قضاء الصلاة على الذي تركها عمدا في رسالته " حل السؤالات المشكلة ، وهو مذهب بعض الظاهرية ، ومنشأ قولهم أن قضاء صلاة فاتة بالنوم والنسيان قد ورد الأمر به في السنن ، وأما التارك العامد فلم يرد دليل صريح صحيح على وجوب القضاء عليه ، وهم قد جمدوا على ظاهر ما ورد من غير روية وفكر حتى قالوا : " إن حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" ، أنه لو تغوط فيه أو بال غير الغاسل والمتوضى يجوز فيه الغسل والتوضىء لعدم ورود النهي ، ولهم مثل هذا كثير يأبى عنه العقل السليم والفهم المستقيم ، وقد تبعهم في مسألة القضاء الشوكاني في بعض تأليفاته وهو كثير الاتباع لهم ، وهذا مذهب شاذ مردود مخالف لجمهور علماء الملة وحملة الشريعة ، بل وللطبيعة الوقادة والنفس المدركة ، قال ابن عبد البر في " الاستذكار شرح موطأ الإمام مالك" عند شرح حديث التعريس : فإن قيل فلم خص النائم والناسي بالذكر في قوله في غير هذا الحديث : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" ، قيل : خص النائم والناسي ليرتفع التوهم والظن فيهما لرفع القلم وسقوط المآثم عنهما بالنوم والنسيان ، فأبان رسول الله أن سقوط الإثم عنهما غير مسقط لما له فيهما من فرض الصلاة ، وأنها واجبة عليهما عند الذكر لها يقضيها كل واحد منهما بعد خروج وقتها إذا ذكرها .
صفحہ 11
ولم يحتج إلى ذكر العامد معهما ، لان العلة المتوهمة في النائم والناسي ليست له ولا عذر له في ترك فرض ، وحوى الله في حكمه على لسان رسوله بين حكم الصلاة الموقوتة والصيام الموقوت في شهر رمضان بأن كل واحد منهما يقضي بعد خروج وقته فنص على النائم والناسي في الصلاة كما وصفنا ، ونص على المريض والمسافر في الصوم ، وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم شهر رمضان عمدا وهو مؤمن بفرضه وإنما تركه أشرا وبطرا تعمد ذلك ثم تاب منه ، أن عليه قضاء ، وكذلك من ترك الصلاة عامدا ، فالعامد والناسي في القضاء للصلوة سواء وإن اختلفا في الإثم كالجاني على الأموال المتلف لها عامدا وناسيا سواء إلا في الإثم بخلاف رمي الجمار في الحج التي لا تقضي في غير وقتها لعامد ولا ناس لوجوب الدم فيما ينوب عنها ، وبخلاف الضحايا والصلاة والصيام كلاهما فرض واجب ودين ثابت يؤديان أبدا وإن خرج الوقت المؤجل لما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " دين الله أحق أن يقضي وإذا كان النائم والناسي للصلاة ، وهما معذوران يقضيان بعد خروج وقتها كان المتعمد لتركها أولى بان لا يسقط عنه فرض الصلاة ، وأن يحكمعليه بالإتيان بها لأن التوبة من عصيانه هي أداؤها وإقامتها مع الندم على ما سلف من تركه لها في وقتها ، وقد شذ بعض أهل الظاهر وأقدم على خلاف جمهور علماء المسلمين وسبيل المؤمنين ، فقال : ليس على المتعمد في ترك الصلاة وقتها أن يأتي بها في غير وقتها لأنه غير نائم ولا ناس وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نام عن صلاة أو نسيها" ، والمتعمد غير الناسي ، وظن انه يستند في ذلك برواية شاذة جاءت عن بعض التابعين شذ فيها عن جماعات المسلمين وهو محجوج بهم مأمور باتباعهم ولم يأت فيما ذهب إليه من ذلك بدليل يصح في العقول . انتهى كلامه ملخصا .
ثم قال ابن عبد البر بعد ذكر الأحاديث الدالة على وجوب القضاء مطلقا ولو كان التارك عامدا : وأجمعوا على أن للعاصي أن يتوب من ذنبه بالندم عليه واعتقاد ترك العود عليه ، ومن لزمه حق لله أو لعباده لزمه الخروج منه ، وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق الله بحقوق الآدميين وقال : " دين الله أحق أن يقضي" . انتهى.
ثم قال بعد إلزامه من تفوه بهذا من الظاهرية بأصولهم وأقوال إمامهم ما أرى هذا الظاهري إلا وقد خرج عن قول جماعة العلماء من السلف والخلف وخالف جميع فرق الخلف والسلف وشذ عنهم ، ولا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ في العلم .
وقد أوهم في كتابه أن له سلفا من الصحابة والتابعين تجاهلا منه أو جهلا ، وكل ما ذكر في هذا المعنى فغير صحيح ولا له حجة في شيء منه . انتهى ملخصا .
فظهر بهذا أن قول الشوكاني تبعا لبعض الظاهرية في هذه المسألة من خرافات الكلام لا له قرار على أصول الظاهرية ولا على أصول غيرهم من علماء الشريعة ، بل هو مخالف برمته عند من له أدنى عقل ، ولا يستقيم أمر النقل إلا بالعقل للكتاب والسنة وإجماع من قبل متفوه هذا المسألة .
فحرام على حملة الشريعة أن يذكروا رأيه في هذا الباب إلا لرده ولإظهار الصواب ، فضلا عن ترجيحه وتأصيله وتقويته وتنقيحه ، ولن يصلح العطار ما يفسده الدهر .
صفحہ 13
ومنها : أنه رجح عدم وجوب الزكاة في أموال التجارة ، وأحسن إحسانا عظيما على أرباب التجارة في " مسك الختام شرح بلوغ المرام" ، وشرح رسالة الشوكاني تبعا للشوكاني ، وهو قول مخالف لجمهور العلماء من الخلف والسلف ، فإنهم يوجبون الزكاة في عروض التجارة إلا داود الظاهري ، فإنه خالفهم كما ذكره النووي في " شرح صحيح مسلم" وغيره .
وهو قول شاذ ضعيف ، وقد شهدت الأخبار المرفوعة والآثار الموقوفة بوجوب الزكاة فيها ، وليس هذا موضع بسطهما ، ويكفي في ذلك قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الارض}الآية فالحذر الحذر من مثل هذه الفتيا المخالفة لظاهر القرآن ولأخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، وضعف بعضها عندنا ضعف غير مضر للاحتجاج ، ولآثار الصحابة كعمر وابن عمر وغيرهما .
وهناك مسائل كثيرة تبع فيها ابن تيمية والشوكاني مع ضعف أقوالهم فيها.
وفيما ذكرنا وبطريق النموذج كفاية لمن تأملها .
ومن عاداته التي يجب الاحتراز عنها أنه يجعل ما يوافق رأيه وإن كان مختلفا فيه مع علمه بكونه مختلفا فيه مجمعا عليه ، وهذا من عادات ابن تيمية وتلامذته ، والناس على دين ملوكهم ، وأمثلته في تصانيفه كثيرة ، ولنكتف بذكر واحد منهما ، وهو أنه قال في رسالته " أبجد العلوم" في ترجمة الإمام أبي حنيفة : أنه لم يرى أحدا من الصحابة باتفاق أهل الحديث وإن عاصر بعضهم على رأي الحنفية . انتهى .
صفحہ 14
وفيه : أما أولا فهو أن عدم رؤية الصحابة مطلقا ليس متفقا عليه بين المحدثين ، بل هو مختلف فيه بينهم ، والمعتمد هو ثبوت الرؤية لأنس رضي الله عنه عندهم كما حققته في رسالتي " إقامة الحجة على أن الإكثار في التعبد ليس ببدعة" بذكر عبارة الذهبي والولي العراقي والحافظ ابن حجر والسيوطي وابن سعد واليافعي وابن الجوزي وعلي القاري والتوريشتى والجزري وغيرهم . وأرجو من المنصف أن لا تبقى له شبة في تابعيته بعد الاطلاع على تلك العبارات .
وأما المتعسف فكلامه خارج عن بحث الثقات ، فغاية ما في الباب أن يكون رأي مؤلف "أبجد العلوم" مائلا إلى عدم تابعيته لما عرض له نوع من الشبهة ، لكنه لا يقتضي أن يرتفع خلاف المحدثين في الباب ، وينسب إليهم الاتفاق فيما اختلفوا فيه البتة .
وأما ثانيا فهو أن صاحب " الأبجد" قد نقل بنفسه في رسالة " الحطة" عبارة السيوطي المشتملة بعبارة الولي العراقي وابن حجر العسقلاني المفيد لتابعيته ، فما باله جعل عدم تابعيته في " الأبجد" متفقا عليه مع علمه بأنه مختلف فيه ، فلعله نسي ما كتبه سابقا أو تعمد به مغالطا أو عاد من مراتب " الحطة" إلى منازل " الأبجد" متنازلا ، وأيا ما كان فمثله عجيب عن مثله ، والله يعفو عنا وعنه .
وأما ثالثا(1) : فهو أن قوله : وإن عاصر الخ ، مشتمل على تدليس يجب أن يحترز مثله عن مثله ، فإنه يوهم أن إثبات المعاصرة مختص بالحنفية ، وليس كذلك ، بل جميع الفقهاء والمحدثين وجميع العقلاء والمورخين قائلون بمعاصرته لبعض الصحابة ، كيف لا وقد ولد أبو حنيفة على الأصح الأشهر سنة ثمانين ، وكان ذلك العصر عصر الصحابة باليقين .
صفحہ 15
وأما رابعا : فهو أن عبارته هذه توهم أن الحنفية مقتصرون على إثبات المعاصرة وليس كذلك ، فإن أكثرهم بل كلهم ذهبوا إلى رؤيته للصحابة ، وإنما اختلفوا في روايته عن الصحابة ، فجمع منهم نفوها كجمع من المحدثين ، وجمع منهم أثبتوها وقالوا : هو المذهب المتين .
ولقد اقشعر جلدي وتوحش فؤادي حين رأيت عبارة " الأبجد" ، وحكم كل من فهمها أنها تجاوزت عن الحد ، وهو الذي أزعجني إلى جمع نبذ من مسامحاته في تصانيفه لئلا يغتر الجاهلون بأمثال هذه الكلمات في تأليفاته ، والله أسأل أن يجنبني ويجنبه من أمثال هذه المغالطات ، ويوفقنا لاكتساب بالباقيات الصالحات .
ومن عاداته التي يجب على المصنفين الاحتراز عنها أن كلامه في موضع يعارض كلامه في موضع آخر ، وهذا وإن كان أمرا طبعيا للبشر ، والسلامة من جميع أنواع التعارض مختصة بخالق القوي والقدر ، لأن من له اهتمام بنشر العلم والتأليف يجب عليه الاهتمام بقدر وسعه الشريف ، كيف لا وهو مسئول يوم القيامة عن كل ما كتبه ومناقش في كل ما سطره .
والتخالف من عالم بين كلاميه في تأليفين ليس بمستبعد غاية البعد ، إنما المستبعد تخالفهما في تأليف واحد وفي صفحتين متقاربتين أو في صفحة واحدة ، ومثل هذا وجمع الرطب واليابس يجعل المعتبر غير معتبر ، والمعتمد غير معتمد .
صفحہ 16
ومن عاداته أن ينقل في تصانيفه كل ما وجد في المنقول عنه ، ويكتب كل ما وجد فيما أخذ عنه وإن كان غلطا صريحا يطلع عليه الطلبة أو مستحيلا عقليا أوعاديا يعلمه الكملة ، وهذان الأمران ظاهران على من طالع تصانيفه لا سيما تصانيفه المتعلقة بالتراجم والطبقات المشتملة على ذكر تواريخ المواليد والوفيات وهما قبيحان جدا ، موحشان لناظر تأليفاته عاما وخاصا ، ولا ينفع في هذا البحث أنه ناقل من " كشف الظنون" أو " البستان" أو من غيرهما من كتب الشأن ، فإن مثل هذا النقل الصرف ليس إلا من شأن الغافلين لا من شأن العالمين الهادين .
ولنذكر من بعض رسائله بعض أغلاطه ومعارضاته إيقاظا للنائمين وإزالة لوحشة الهائمين ، وليس الغرض منه تنقيصه وذكر معائبه حاشاه عن ذلك ، بل ما أسلفنا ذكره .
ذكر بعض المسامحات والمعارضات الواقعة في " إتحاف النبلاء" في المقصد الأول منه :
الأول : قال في المقصد الأول في باب الألف : " الابتهاج بأذكار المسافر الحاج" للشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي والمتوفى سنة ستين وثمانمئة . انتهى .
صفحہ 17
وهذا خطأ فإن وفاة السخاوي كان بعد تسعمئة ، ذكره في " النور السافر في أخبار القرن العاشر" وأرخ وفاته سنة اثنتين بعد تسعمئة ، كما نقلت قدرا من كلامه في " التعليقات السنية على الفوائد البهية" ، وقال ابن روزبهان في " شرح شمائل الترمذي" : الشيخ أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي المصري رحلة الزمان وحافظ العصر ، فريد عصره لازم المشايخ وصاحب الحافظ ابن حجر سنين متطاولة ، وأثنى عليه الحافظ في كتبه سيما في الطبقات وأصله من سخا قصبة أعمال مصر ، وكانت ولادته بالقاهرة ، وله تصانيف تنيف على أربعمئة مجلد كما ذكر لي وفصل كثيرا منهما في إجازته وكان له مئة وعشرون شيخا في صحيح البخاري ، صحبته بالمدينة الطيبة ولازمته درسا وإفادة وقراءة وسماعا ، وكان يرحل كل زمان إلى الحجاز ، ويسكن بها سنين ويجاور في الحرمين ويصنف تصانيف ، ثم يرجع إلى مصر ، وارتحل في آخر عمره إلى الحجاز واستوطن مكة وتوفي بها في نيف وتسعمئة . انتهى ملخصا .
الثاني : قال في صفحة أخرى : الأجوبة المرحلية فيما سئل عنه من الأحاديث النبوية للشيخ محمد بن عبد الرحمن السخاوي المتوفي سنة اثنتين وتسعمئة . انتهى .
وفيه أنه مناقض لما ذكره قبيله من أنه مات سنة ستين وثمانمئة .
الثالث : قال : أذكار الصلاة لزين المشائخ محمد بن القاسم البقالي الخوارزمي الحنفي المتوفي سنة اثنتين وستين وخمسمئة . انتهى .
وفيه أن وفاته كانت سنة ست وسبعين وخمسمئة على ما نص عليه الكفوي في " طبقات الحنفية" وغيره .
صفحہ 18
الرابع : قال عند ذكر الأربعينيات : أربعين للشيخ محمد بن علي البركلي الرومي المتوفي سنة ستين وتسعمائة . انتهى .
هذا مخالف لما أرخه الثقات ، قال عبد الغني بن اسماعيل النابلسي في " الحديقة الندية" شرح كتاب البركلي المسمى ب" الطريقة المحمدية" مترجما له الشيخ محمد أفندي الرومي البركلي : نشأ في طلب العلم والمعارف حتى برع فيها ، واشتغل على محي الدين أخي زاده ، وصار ملازما من المولى عبد الرحمن أحد قضاة العسكر في زمن السلطان سليمان ، ثم غلب عليه الزهد والصلاح واتصل بخدمته الشيخ عبد الله القراماتي ، ثم أمره شيخه بالعودة إلى الاشتغال بدراسة العلوم ، فانتفع به خلق كثير ، وحصل بينه وبين عطاء معلم السلطان سليم محبة ، فبنى عطاء مدرسته بقصبة بركل بفتح الباء ، وعين له في كل يوم ستين درهما ، وله مؤلفات :"شرح مختصر الكافية" للبيضاوي ، و" متن في علم الفرائض" ، و" الطريقة المحمدية" وهو من أجل تأليفاته توفي في الجمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وتسعمائة . انتهى كلامه ملخصا .
وكذا أرخه صاحب "كشف الظنون" عند ذكر " الطريقة المحمدية" .
الخامس : قال : أربعين الدارقطني :هو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ البغدادي المتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة . انتهى .
صفحہ 19
وهذا خطأ فاحش فإن وفاته كانت سنة خمس وثمانين وثلاث مئة ، كما ذكره السمعاني في كتاب " الأنساب" حيث قال بعدما ذكر أن الدارقطني بضم القاف نسبة إلى دار قطن محلة كبيرة ببغداد ، كان أحد الحفاظ المتقنين ضرب المثل في الحفظ ، سمع أبا القاسم البغوي ، وأبا بكر داود السجستاني وخلقا كثيرا ، وعنه الحافظ أبو نعيم صاحب " حلية الأولياء" وغيره ، قال أبو الخطيب في "تاريخ بغداد" في وصفه : كان فريد عصره وإمام وقته ، أثنى عليه علماء الأثر ، عارفا بالأثر والعلل وأسماء الرجال وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والثقة والعدالة وصحة الاعتقاد ، وكان يتقن سوى الحديث فنونا ، وكانت ولادته سنة ست وثلاثمئة ، وتوفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمئة . انتهى ملخصا .
وكذا أرخه الذهبي في "العبر بأخبار من غبر" ، واليافعي في " مرآة الجنان" وذكرا ترجمته ووفاته في حوادث سنة خمس وثمانين ، وابن الأثير في " الكامل" وابن الشحنه في "روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر" ، وابن خلكان في تاريخه ، والتاج السبكي في " طبقات الشافعية" وغيرهم في تصانيفهم .
السادس : قال : أربعين طاشكبري زاده أحمد بن مصطفى الرومي المتوفي سنة ثلاث وستين وتسعمئة . انتهى .
وهذا عجيب فإن أحمد هذا قد اتم تصنيفه " الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية" في رمضان سنة خمس وستين وتسعمئة على ما ذكره صاحب " كشف الظنون" عند ذكره ، فكيف يصح موته سنة ثلاث وستين ، وأرخ صاحب " الكشف" هناك وفاته سنة ثمان وستين .
السابع : قال : عند ذكر شراح أربعين النووي : وشرح ملا علي قاري المكي الحنفي المتوفي سنة أربع وأربعين وألف . انتهى .
صفحہ 20
وهذا زلة فاحشة فإن وفاته على ما في " خلاصة الأثر" سنة أربع عشرة وألف ، وقد أرخ هذا المؤلف في رسالته " الحطة" وفاته سنة ست عشرة وألف ، فيالهما من مناقضة بينة .
الثامن : ذكر من شراح أربعين النووي الذين عبد الرحمن الشهير بابن رجب الحنبلي ، وأرخ وفاته سنة خمس وتسعين وسبعمئة ، وهذا مخالف لما أرخ هو في رسالته " الحطة" عند ذكر شراح " صحيح البخاري" أنه توفي سنة خمس وتسعين وتسعمئة .
التاسع : قال : "إرشاد الساري شرح صحيح البخاري" للعلامة شهاب الدين أحمد بن محمد أبي بكر المصري القسطلاني الشافعي المتوفي سنة عشرين وتسعمائة . انتهى .
وهذا مع كونه مخالفا لما أرخ به وفاته في " الحطة" غير صحيح ، قال محمد بن عبد الباقي الزرقاني في " شرح المواهب اللدنية" : أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك بن أحمد القسطلاني المصري ، ولد كما ذكره شيخه الحافظ السخاوي في " الضوء اللامع بمصر" : ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمانمئة ، وأخذ عن الشهاب العبادي ، والبرهان العجلوني ، والفخر ، والشيخ خالد الأزهري النحوي ، والسخاوي ، وغيرهم ، وقرأ "صحيح البخاري" على الشهاوي في خمسة مجالس ، وحج مرارا ، وجاور بمكة مرتين ، وكان يعظ بالغمري وغيره للجم الغفير ، ولم يكن له في الوعظ نظير . انتهى كلام السخاوي .
وتوفي ليلة الجمعة بالقاهرة سابع محرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة ، وله عدة مؤلفات . انتهى كلامه .
العاشر : قال : " إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" للحافظ العلامة شيخ الإسلام خادم الكتاب والسنة محمد بن علي الشوكاني المتوفي سنة خمسين ومئتين وألف . انتهى .
صفحہ 21
هذا مخالف لما ذكره في المقصد الثاني من هذا الكتاب عند ذكر ترجمة الشوكاني : أنه مات يوم الاربعاء سادس عشر(1)الجمادي الأخرى سنة خمس وخمسين ومئتين وألف .
الحادي عشر : قال : " أسماء رجال الكتب الستة" للحافظ ابن النجار محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله المتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مئة ، وأيضا للشيخ سراج عمر بن علي المعروف بابن الملقن المتوفي سنة أربع وأربعمئة .
صفحہ 22
وهذا مع كونه مخالفا لما أرخ وفاة ابن الملقن في هذا الكتاب غير مرة خطأ فاحش ، فإن ابن الملقن وفاته في ابتداء المئة التاسعة ، قال السخاوي في " الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع" : عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله سراج الدين أبو حفص العمادياشئ الأندلسي التكروري الأصل المصري الشافعي ويعرف بابن الملقن ، ولد في الربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمئة بالقاهرة ، وكان أصل أبيه أندلسيا ، فتحول بالتكرور وأقرأ أهلها القرآن ، وتميز في العربية وحصل مالا ثم قدم القاهرة فأخذ عنه الأسنوي ثم مات ، فأوصى بابنه عمر إلى الشيخ عيسى المغربي ، رجل صالح كان يلقن القرآن بجامع طولون ، فتزوج بأمه، ولذا عرف الشيخ به حيث قيل له ابن الملقن ، ونشأ في كفالة زوج أمه ، وحفظ القرآن وعدة كتب وتفقه بالتقي السبكي ، والجمال الاسنائي ، والعز بن جماعة . وأخذ في العربية عن أبي حيان ، وابن هشام ، وابن الصائغ . وسمع الحديث على السراج محمد بن محمد بن نمير الكاتب ، وأبي الفتح بن سيد الناس ، والقطب الحلبي ، والعلاء مغلطائي . ودخل الشام سنة سبعين فأخذ عن ابن أميلة وغيره من متأخري أصحاب الفخر ، وأجاز له المزي وغيره من مصر ودمشق . واشتغل بالتصنيف وهو شاب ، فمن تصانيفه : " تخريج أحاديث الرافعي" في سبع مجلدات ، و" مختصره الخلاصة" في مجلد ، و" مختصره المنتقى" في جزء ، و"تخريج أحاديث وسيط للغزالي" ، وتخريج أحاديث المهذب المسمى ب" المحرر المذهب" ، و"تخريج أحاديث منهاج الأصول" ، و"تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" ، وشرح العمدة المسمى "بالإعلام" ، و" قطعة من شرح البخاري" ، وقطعة من شرح المنتقى لابن تيمية ، وطبقات الشافعية إلى سبعين وسبعمائة ، وطبقات المحدثين ، وشرح المنهاج الفرعي ولغاته في مجلد والاعتراضات عليه وشرح التنبيه ، والخلاصة في الحديث ، وأمنية النبيه فيما يرد على تصحيح النووي ، والتنبيه ، وشرح الحاوي الصغير في مجلدين لم يوضع مثله ، وتصحيحه في مجلد ، وشرح التبريزي في مجلد ، وشرح زوائد مسلم على البخاري ، وزوائد أبي داود على الصحيحين ، وزوائد الترمذي على الثلاثة ، وزوائد النسائي عليها ، وزوائد ابن ماجة على الخمسة سماه "ما تمس إليه الحاجة على سنن ابن ماجه" ، وشرح أربعين النووي ، والخصائص النبوية ، وطبقات القراء ، وطبقات الصوفية ، وتلخيص الوقوف على الموقوف ، وشرح ألفية ابن مالك ، وشرح مختصر ابن الحاجب ، وغيره ، واشتهرت تصانيفه في الآفاق ، وكان يقال أنها بلغت ثلث مئة تصنيف ، ومات ليلة الجمعة سنة أربع وثمانمئة . انتهى ملخصا .
الثاني عشر : قال : " إصلاح غلط المحدثين" للإمام أبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي المتوفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمئة .انتهى .
وهذا مخالف لما أرخ وفاته في " الحطة" عند ذكر شراح "صحيح البخاري" : أنه مات سنة ثمان وثلاثمئة .
الثالث عشر : قال : " الزامات على الصحيحين" لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفي سنة خمسين وثمانين وثلاثمئة .انتهى .
هذا مخالف لما ارخه سابقا عند ذكر الأربعين أنه مات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة .
الرابع عشر : قال : " ألفية في أصول الحديث" للشيخ الإمام الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفي سنة خمس وثمانمئة . انتهى .
صفحہ 24
هذا مخالف لما أرخ به وفاته عند ذكر " تخريج أحاديث الإحياء" أنه مات سنة ست وثمانمئة ، وذلك هو الموافق لتصريحات المعتمدين ، قال السخاوي في " الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع" : عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم الزين أبو الفضل الكردي الأصل المهراني المصري الشافعي ويعرف بالعراقي ، قال ولده : انتسبنا بعراق العرب وإلا فهو كردي الأصل ، ولد في حادي عشر الجمادي الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمئة ، ومات ليلة الأربعاء ثامن شعبان سنة ست وثمانمئة بالقاهرة . انتهى ملخصا .
وله في " الضوء اللامع" ترجمة طويلة حسنة ، وكذا أرخ وفاته السيوطي في " حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة" ، والحافظ ابن حجر ، وغيرهما ، وقد ذكرت نبذا من حاله في " التعليقات السنية على الفوائد البهية".
الخامس عشر : ذكر من شراح الألفية : زكريا بن محمد الأنصاري ، وأرخ وفاته سنة ثمان وعشرين وتسعمئة ، وهو مناقض لما أرخ به وفاته عند ذكر شراح "جامع مسلم" أنه مات سنة ست وعشرين ، وقد ترجمه السخاوي في " الضوء" بترجمة طويلة وملخصها : أنه شيخ الإسلام زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا زين الدين القاهري الأزهري الشافعي القاضي ، ولد سنة ست وعشرين وثمانمئة بسبيكة ، وتحول إلى القاهرة سنة إحدى وأربعين وأخذ العلم عن(1) البلقيني ، والشمس الوفائى ، والشهاب ابن المجدي ، والحافظ ابن حجر ، والشرف المناوي ، والكافياجى ، وابن الهمام ، والشمني ، وغيرهم .
صفحہ 25
وتصدى للتدريس في حياة شيوخه وشرح عدة من الكتب منها : آداب البحث سماه "فتح الوهاب بشرح الآداب" ، وفصول ابن الهائم سماه "غاية الوصول إلى علم الفصول" ، وآخر سماه " منهج الوصول" ، وألفية ابن الهائم المسماة " بالكفاية" و"تنقيح اللباب" للولي العراقي ، و" مختصر الروضة" لابن المقري ، و" مقدمة التجويد" لابن الجزري ، و" مختصر ايساغوجي" ، و" القصيدة المنفرجة" ، وغيرها ، واشتهر من تصانيفه كثيرا : " شرح البهجة الوردية" ، وله شرح " ألفية العراقي" مأخوذ من شرح السخاوي ، ورأيت على هوامش نسخة من " الضوء" التي كان عليها خط السخاوي بمواضع مكتوبا بيد جاد الله بن فهد المكي بعد المؤلف : عزل القاضي زكريا عن القضاء في أول سنة ست وتسعمئة ، ثم عرض عليه فأعرض عنه بكف بصره ، وانتفع به الناس ، واشتهرت مؤلفاته وتميزت تلامذته ، وألحق الأحفاد بالأجداد وعمر حتى جاوز المئة أو قاربها ، ومات يوم الجمعة رابع ذي الحجة عام ست وعشرين ، وحزن الناس عليه كثيرا لمحاسنه الزوائد(1) وأوصافه الشهيرة . انتهى .
السادس عشر : ذكر أنه شرح الألفية مؤلفها شرحا كبيرا وختمه إحدى وسبعين وسبعمئة ، وسماه " بفتح المغيث بشرح ألفية الحديث" وفيه أن هذا الاسم لشرح السخاوي ، وهو أحسن شروحه نص عليه في " النور السافر في أخبار القرن العاشر" . .
السابع عشر : قال عند الأمالي : " أمالي القضاعي في الحديث" هو أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون بن إبراهيم بن محمد بن مسلم الفقيه الشافعي المتوفي سنة ثمان وخمسين وثلاثمئة . انتهى .
صفحہ 26
ثم ذكر في صفحة أخرى عند ذكر " الإنباء" للقضاعي : أنه توفي سنة أربع وخمسين وأربعمئة .
وهذا تناقض فاضح وتعارض لائح .
الثامن عشر : ذكر " الأمالي" لأبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر الدمشقي ، وأرخ وفاته سنة إحدى وسبعين وخمسمئة .
وهذا مناقض لما أرخه به عند ذكر " تاريخ دمشق" ، وسيأتي إنشاء الله ذكره .
التاسع عشر : ذكر في فصل التاء عند ذكر تواريخ دمشق : أن أعظمها تاريخ الحافظ أبي الحسن علي بن حسين المعروف بابن عساكر الدمشقي المتوفي سنة إحدى وسبعين وسبعمئة في ثمانين مجلدا . انتهى .
ثم قال : قال ابن خلكان في تاريخه : قال لي شيخنا الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري ، حافظ مصر ، وقد جرى ذكر هذا التاريخ وأخرج منه مجلدا وطال الحديث في أمره واستعظامه ما اظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه وشرع في الجمع من ذلك الوقت ، وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع فيه الإنسان مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبيه ، ولقد قال الحق ومن عرف عليه عرف حقية هذا القول . انتهى .
وهذا مما يفضي العجب العجب فإن عبارته شاهدة على أن ل" تاريخ دمشق" هذا ومؤلفه ابن عساكر ذكرا في " تاريخ ابن خلكان" ، وإن ابن خلكان وشيخه المنذري مدحاه ، ومن المعلوم المصرح في " طبقات الشافعية" لابن شهته ، و" مرآة الجنان" لليافعي ، وغيرهما : أن وفاة المنذري سنة ست وخمسين وستمئة ، وإن وفاة ابن خلكان سنة إحدى وثمانين وستمئة ، فكيف لا يستبعد مع ذلك وقوع وفاة ابن عساكر سنة إحدى وسبعين وسبعمئة .
صفحہ 27